الجار

يشمل المواضيع والمشاركات الاسلامية

المشرف: بانه

أضف رد جديد
الدغري
مشاركات: 3592
اشترك في: الثلاثاء 2010.4.6 9:14 am
مكان: السعودية

الجار

مشاركة بواسطة الدغري »

الجار قبل الدار.. مقولة شائعة بين الناس، وعلى قدر الجار يكون ثمن الدار، والجار الصالح من السعادة. أصبحنا الآن نفتش عن أحسن الدور ولكن لا نفتش عن أحسن الجيران .
فضل الإحسان إلى الجار في الإسلام :
لقد عظَّم الإسلام حق الجار، وظل جبريل عليه السلام يوصي نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم بالجار حتى ظنَّ النبي أن الشرع سيأتي بتوريث الجار: "مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سَيُورِّثه". وقد أوصى القرآن بالإحسان إلى الجار: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ)[النساء:36].
وانظر كيف حض النبي صلى الله عليه وسلم على الإحسان إلى الجار وإكرامه: "...ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره". وعند مسلم: "فليحسن إلى جاره".
بل وصل الأمر إلى درجة جعل فيها الشرع محبة الخير للجيران من الإيمان، قال صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لجاره ما يحب لنفسه".
والذي يحسن إلى جاره هو خير الناس عند الله: "خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره".
من هو الجار؟
الجار هو مَن جاورك، سواءٌ كان مسلمًا أو كافرًا، وأما حد الجوار فقد تعددت أقوال أهل العلم في بيان ذلك الحد، ولعل الأقرب – والعلم عند الله – أن ما تعارف عليه الناس أنه يدخل في حدود الجوار فهو الجار. والجيران يتفاوتون من حيث مراتبهم،فهناك الجار المسلم ذو الرحم ، وهناك الجار المسلم ، والجار الكافر ذو الرحم ،والجار الكافر الذي ليس برحم ،وهؤلاء جميعا يشتركون في كثير من الحقوق ويختص بعضهم بمزيد منها بحسب حاله ورتبته.
من صور الجوار:
يظن بعض الناس أن الجار هو فقط من جاوره في السكن، ولا ريب أن هذه الصورة هي واحدة من أعظم صور الجوار، لكن لا شك أن هناك صورًا أخرى تدخل في مفهوم الجوار، فهناك الجار في العمل، والسوق، والمزرعة، ومقعد الدراسة،... وغير ذلك من صور الجوار.
من حقوق الجار:
لا شك أن الجار له حقوق كثيرة نشير إلى بعضها، فمن أهم هذه الحقوق:
1- رد السلام وإجابة الدعوة:
رد السلام والقاء السلام عليه وتفقد حاله ، والسؤال عنه ، وتفقد أحواله ، واعانته في حوائجه
2- كف الأذى عنه:
نعم فهذا الحق من أعظم حقوق الجيران، والأذى وإن كان حرامًا بصفة عامة فإن حرمته تشتد إذا كان متوجهًا إلى الجار، فقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من أذية الجار أشد التحذير وتنوعت أساليبه في ذلك، واقرأ معي هذه الأحاديث التي خرجت من فم المصطفى صلى الله عليه وسلم:
• "والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن. قيل: مَنْ يا رسول الله؟ قال: مَن لا يأمن جاره بوائقه".
• ولما قيل له: يا رسول الله! إن فلانة تصلي الليل وتصوم النهار، وفي لسانها شيء تؤذي جيرانها. قال: "لا خير فيها، هي في النار". "لا يدخل الجنة مَن لا يأمن جاره بوائقه".
• وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو إليه أذى جاره. فقال: "اطرح متاعك في الطريق". ففعل؛ وجعل الناس يمرون به ويسألونه. فإذا علموا بأذى جاره له لعنوا ذلك الجار. فجاء هذا الجار السيئ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو أن الناس يلعنونه. فقال صلى الله عليه وسلم: "فقد لعنك الله قبل الناس".
3- تحمل أذى الجار:
وإنها والله لواحدة من شيم الكرام ذوي المروءات والهمم العالية، إذ يستطيع كثير من الناس أن يكف أذاه عن الآخرين، لكن أن يتحمل أذاهم صابرًا محتسبًا فهذه درجة عالية: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ)[المؤمنون:96]. ويقول الله تعالى: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ)[الشورى:43]. وقد ورد عن الحسن – رحمه الله – قوله: ليس حُسْنُ الجوار كفّ الأذى، حسن الجوار الصبر على الأذى.
4- تفقده وقضاء حوائجه:
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما آمن بي من بات شبعانًا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم". وإن الصالحين كانوا يتفقدون جيرانهم ويسعون في قضاء حوائجهم، فقد كانت الهدية تأتي الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيبعث بها إلى جاره، ويبعث بها الجار إلى جار آخر، وهكذا تدور على أكثر من عشرة دور حتى ترجع إلى الأول.
ولما ذبح عبد الله بن عمر رضي الله عنهما شاة قال لغلامه: إذا سلخت فابدأ بجارنا اليهودي. وسألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي؟ قال: "إلى أقربهما منكِ بابًا".
5- ستره وصيانة عرضه:
وإن هذه لمن أوكد الحقوق، فبحكم الجوار قد يطَّلع الجار على بعض أمور جاره فينبغي أن يوطن نفسه على ستر جاره مستحضرًا أنه إن فعل ذلك ستره الله في الدنيا والآخرة، أما إن هتك ستره فقد عرَّض نفسه لجزاء من جنس عمله: (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت:46].
وقد كان العرب يفخرون بصيانتهم أعراض الجيران حتى في الجاهلية، يقول عنترة:
وأغض طرفي إن بدت لي جارتي.. ... ..حتى يواري جارتي مأواها
وأما في الإسلام فيقول أحدهم:
ما ضـر جاري إذ أجاوره ألا يـكــون لبـيـته ســــتـر
أعمى إذا ما جارتي خرجت حتى يواري جارتي الخدر
أما الآن فيقول بعضنا : يا جاره ياا جاره سالمينا بالعين أو بالاشارة ، ويقول البعض وصوني أحب لسابع جار وانت أقرب جار .
وأخيرًا فإننا نؤكد على أن سعادة المجتمع وترابطه وشيوع المحبة بين أبنائه لا تتم إلا بالقيام بهذه الحقوق وغيرها مما جاءت به الشريعة، وإن واقع كثير من الناس ليشهد بقصور شديد في هذا الجانب حتى إن الجار قد لا يعرف اسم جاره الملاصق له في السكن، وحتى إن بعضهم ليغصب حق جاره، وإن بعضهم ليخون جاره ويعبث بعرضه وحريمه، وهذا والله من أكبر الكبائر. سئل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الذنب أعظم؟ ". عدَّ من الذنوب العظام: "أن تزاني حليلة جارك".
نسأل الله أن يعيننا والمسلمين على القيام بحقوق الجوار.. وصلى الله وسلم وبارك على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين.
صورة العضو الرمزية
محسية
مشاركات: 10735
اشترك في: الأربعاء 2010.3.10 7:10 pm
مكان: بين الفكرة ...وممكن واقع

رد: الجار

مشاركة بواسطة محسية »

ففي هذا الزمن تباعد الجيران بعضهم عن بعض، فأصبحت تمر الشهور بل السنوات ولا يعرف الواحد منا جاره وأحواله،

ويجب علينا حقوق مراعاة الجار كما جاء فى الكتاب والسنة



قال الله تعالى :(وَاعْبُدُواْ اللَّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا) (النساء 36)


قال النبى صلى الله عليه وسلم



(مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ ).


(مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ)


اخى الكريم

تسلم على موضوعك المفيد

دائما تاتى لنا بالمفيد

جزاك الله خير
الدغري
مشاركات: 3592
اشترك في: الثلاثاء 2010.4.6 9:14 am
مكان: السعودية

رد: الجار

مشاركة بواسطة الدغري »

لك التحية محسية وشكرا على المرور ............. ونتمنى من الله أن تسود التعاليم الاسلامية والاخلاق الاسلامية
الدغري
مشاركات: 3592
اشترك في: الثلاثاء 2010.4.6 9:14 am
مكان: السعودية

الجار 2

مشاركة بواسطة الدغري »

الإسلام دين الترابط والتآلف، ودين يدعو الى المحبة بين أبنائه، والتكاتف في المجتمع,, صلة ومودة، وتهادٍ ومحبة, وفي القرآن الكريم تأتي آيات كريمات توصي المسلمين فيما بينهم، بحقوق كثيرة، مطلوب من المخاطبين بالتشريع في هذا الكتاب العظيم، وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم، على اختلاف مستوياتهم، رجالاً ونساء، أن يهتموا بها، وأن يولوها كل اهتمامهم، حيث تبدأ بحق الله سبحانه، وحقّه سبحانه على عباده، أن يعبدوه على الوجه الذي يرضيه، لأن هذه المهمة التي خلق البشر من أجلها، ومثلهم الجن، وألا يشركوا بالله شيئاً، بأي نوع من أنواع العبادات كبرت أو صغرت.
ثم يتبع الله جلّت قدرته، هذا الأمر بالحث على الحقوق الأخرى: للوالدين، وذي القربى، واليتامى والمساكين والجار القريب والجار البعيد، وابن السبيل وما ملكت اليمين، كما يوصي بالنساء والأيامى، والفقراء والمعوزين وغيرهم.
إنه دين يدعو للترابط، ويهتم بتوثيق الصّلة بين أبنائه, في نظرة شمولية, حتى تسود المحبة بينهم، وتنمية هذه المحبة بالهدايا، وبذل المعروف، يقول صلى الله عليه وسلم: (تهادوا تحابّوا).
مما يبرهن على أن المجتمع الإسلامي، في حسن تعامله بعضهم مع بعض، وفي أدب الأخذ والعطاء، تدعو الناس تعاليم هذا الدين، إلى الإحسان فيما بينهم بالكلام، وفي العمل بما يزيل الجفوة من النفوس، ليشعروا بأنهم إخوة ينصح الفاهم من دونه، ويحترم الصغير الكبير، ويتأدب معه، ويعطف القادر على المحتاج والمسكين، بما تجود به يده, وبما يزيل عنه بؤسه, ليواسيه في محنته، ويشاركه في ماله بحسب قدرته: زكاة أو صدقة.
وأضعف ذلك كلمة طيبة، أو يدفع عنه شرّه أو أذية أولاده,, القول الماثور يؤصل هذا المفهوم (لا يحقرّن أحكم من المعروف شيئاً، ولو أن يلقى أخاه بوجه طلق).
من تلك الآيات الكريمات التي تهذّب الطباع، وتوجه الفرد في المجتمع الإسلامي لحسن التعامل مع الآخرين، وخاصّة مع الجار، وتروّض نفوسهم على الخلق الحسن، في التعامل والعشرة، وبذل المعروف، ورعاية كافة الحقوق، يقول تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وبالوالدين احساناً، وبذي القربى واليتامى والمساكين، والجار ذي القربى، والجار الجنب، والصاحب بالجنب وابن السبيل، وما ملكت أيمانكم، إن الله لا يحب من كان مختالاً فخوراً) (النساء 36).
وفي تحديد الجار وما له من حق على جاره, فإن ابن كثير بعدما تحدث عن الحقوق التي أمر الله بها في هذه الآية، قال على قوله تعالى: (والجار ذي القربى والجار الجنب) قال علي بن ابي طلحة، عن ابن عباس: والجار ذي القربى: يعني الذي بينك وبينه قرابة، والجار الجنب: الذي ليس بينك وبينه قرابة، وقال أبو اسحاق: عن نوف البكالي في (الجار ذي القربى): يعني الجار المسلم، والجار الجنب، يعني اليهودي والنصراني، رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم، وقال جابر الجعفي عن الشعبي، عن علي وابن مسعود: والجار ذي القربى يعني المرأة، وقال مجاهد في قوله: والجار الجنب: يعني الرفيق في السفر,.
وكل هذه الأقوال توصي بالجار مع اختلاف المقاصد بالجار والمراد به، وقد وردت أحاديث عديدة تشدّد الوصاية بالجار، لمكانة هذا الجار وما له من حقوق يجب أن يهتمّ بها، حيث ظنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثرة ما يوصيه جبريل عليه السلام بالجار، أنه سيورّثه، ويجعله كأنه فرد من أبناء الأسرة,.
ولأن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، هي الطريق الأسلم، الذي يرشد لما فيه الخير والفلاح,, فإننا سنذكر منها ما تيّسر، وبالله المستعان:
الحديث الأول: رواه أحمد بمسنده، من طريق إلى عبدالله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الأصحاب عند الله، خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره) ورواه الترمذي ايضا وقال حسن غريب.
الحديث الثاني: رواه الإمام أحمد أيضاً بسنده إلى عباية بن رفاعة عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يشبع الرجل دون جاره), وهذان الحديثان يدلان على عظم حق الجار على جاره: بإطعامه مثل مايطعم، وبكمال الخيرية نحوه.
الحديث الثالث: رواه أحمد ايضا بسنده الى عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنه سيورّثه) أخرجاه في الصحيحين أيضا.
الحديث الرابع: ينبىء عن أقبح المعاصي، وأشدّها إثماً، لما في ذلك من إيذاء للجار، وخيانة لحقّ المجورة، لأن الأصل في الجار، أن يكون أميناً على مال جاره، محافظاً على عرضه أن ينتهك: حماية ودفاعاً، لكن عندما يأتي الخلل من الجار نفسه، فإن هذا داء عضال، ومصيبة ما بعدها مصيبة: أذية وخيانة,, فقد روى الإمام أحمد في مسنده، بسنده الى المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه يوماً، وهو يحدّثهم: (ما تقولون في الزنا؟) قالوا: حرام حرّمه الله ورسوله، وهو حرام إلى يوم القيامة,, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لأن يزني الرجل بعشر نسوة، ايسر من أن يزني بحليلة جاره), قال: (فما تقولون في السرقة؟) قالوا: حرّمها الله ورسوله، فهي حرام إلى يوم القيامة, قال: (لأن يسرق الرجل من عشرة بيوت، أيسر من أن يسرق من جاره),, تفرّد به أحمد وله شاهد في الصحيحين من حديث ابن مسعود، قلت: يا رسول الله أي الذنب أعظم؟, قال: (أن تجعل لله نداً وهو خلقك) قلت: ثم أي؟, قال: (أن تقتل ولدك مخافة أن يطعم معك)، قلت ثم أي؟ قال: (أن تزاني حليلة جارك), (تفسير ابن كثير: 424 425).
ولمكانة حق الجار، وفضل التواصل معه، فإن علماء المسلمين اهتموا بتفسير الآيات الكريمات التي أوصت به، والأحاديث النبوية التي أبانت منزلته، وتوضيح الجار الذي يلزم المسلم الاهتمام به، ورعاية حقه، كما يرى حق أسرته وأولاده,, ونرى ابن الجوزي رحمه الله يقول في تفسيره، ممّيزاً بين الجار ذي القربى، والجار الجنب، بأن الجار ذا القربى: فيه قولان: الجار الذي بينك وبينه قرابة، أو الجار المسلم، فيكون المعنى: ذي القربى منكم المسلم.
والجار الجنب، قال أبو عليّ: المعني والجار ذي الجنب, فحذف المضاف، وفي الجار ذي الجنب: ثلاثة أقوال: أنه القريب، الذي بينك وبينه قرابة، القول الثاني: أنه جارك عن يمينك وشمالك، وبين يديك وخلفك, والثالث أنه اليهودي والنصراني.
ويرى ابن جرير الطبري في تفسيره: أنه الغريب البعيد، مسلماً كان أو مشركاً، يهودياً كان أو نصرانيا، وقال: إن الجنب في كلام العرب البعيد (زاد المسير 2: 79 80), أما البغويّ فيرى في (الجار ذي الجنب): أنه ذو القرابة، وفي (الجار الجنب) أنه البعيد، الذي ليس بينك وبينه قرابة، واستدل على هذا بحديث أخرجه البخاري في الأدب: باب حق الجوار، في قرب الأبواب، عن عائشة رضي الله عنها قالت: يا رسول الله إن لي جارين فإلى أيها أهدي؟ قال صلى الله عليه وسلم: (إلى أقربهما منك باباً).
وبحديث أخرجه مسلم في البرّ والصلة: باب استحباب طلاقة الوجه عند اللقاء، عن أبي ذرّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تحقرنّ من المعروف شيئاً، ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق، وإذا طبخت مرقة فأكثر ماءها، واغرف لجيرانك منها (تفسير البغوي 2: 211), والمعنى إذا طبخت لحماً من باب إطلاق السبب على المسبب,, وما ذلك إلا أن للجار حقاً على جاره، في المشاركة بالسراء والضراء، وفي إطعامه مما يأتي عندك، ولو بمرقة مما تطبخ، لكي تشعره بمكانته واهتمامك به وعدم إيذائه، أو الإساءة اليه، والمحافظة على أهله وأولاده، في حال غيابه,, وتقديم الخدمات لهم، ورعاية شئونهم إذا احتاجوا لذلك، وكف الأذى عنهم من أطفالك أو بهائمك أو سيارته وغير ذلك,, وعدم تعدي الكبير على صغيرهم، أو غمطهم حقاً لهم، حيث قرن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلامة الإيمان، بإبعاد الأذى عن الجار، حيث قال صلى الله عليه وسلم ضمن حديث صحيح: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر، فلا يؤذ جاره),, وقد أوصى أحدهم أولاده وأهل بيته بجيرانه فقال: جارك القريب، منزله من منزل أبيك، هو أقرب الناس إليك بعد أقاربك، فواجب عليك محبّته واحترامه وحسن معاملته، والتودد إليه، كلما سنحت لك الفرصة، وزيارة مريضه، ومواساته في سرائه وضرائه، والقيام بخدمته ما استطعت، ومعاونته عند الضرورة، وحبّ الخير له، وغضّ البصر عن محارمه، ولا تحدّق النظر في نوافذ منزله، ولا تسيئه في ماله، وعرضه، فبذلك تكون عفيفاً شريفاً حسن الخلق، مستقيم الأدب.
وفي أدب المعاملة مع الجار حيث تجلب المودة، وتزداد الصلة والمحبة بين الجيران، يوصي رسول الله صلى الله عليه وسلم: الرجال والنساء على حدّ سواء، بنماذج من أعمال بسيطة، ولكنها ذات نفع مع الجار، وتعطي مدلول الألفة، وصفاء النفوس، لأن مثل هذا علامة الإحسان، الذي يحبه الله سبحانه، يقول صلى الله عليه وسلم لأبي ذرّ رضي الله عنه: (يا أبا ذرّ، إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها، وتعاهد جيرانك), رواه مسلم, ويقول أبو ذرّ: إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني: (إذا طبخت مرقها، فأكثر ماءها، ثم انظر أهل بيت من جيرانك، فأصبهم منها بمعروف)، إنها أمور صغيرة ذات أثر كبير وما أحوج الناس الى عملها لتزداد الرابطة والمحبة.
ويقول صلى الله عليه وسلم: (يا نساء المسلمات لا تحقرّن جارة لجارتها، ولو فرسن شاة) متفق عليه، وما ذلك إلاّ أن للهدية وقعاً في النفوس، مهما صغرت، بين الجيران خاصة، لأنها تفتح باب المحبة، وتزيل آثار الشرور، فقد روي: (تهادوا تحابّوا), فالهدية تزيل السّخيمة من القلوب، وتؤصّل المحبة والألفة.
ويقول صلى الله عليه وسلم: في إثباتٍ لحق الجار على جاره، وعدم مضايقته أو إغضابه: (لا يمنع جار جاره، أن يغرز خشبة في جداره) وذلك عندما يكون الجدار مشتركاً بينهما، لأن ذلك مما يريحه، ويخفف عنه عبء بناء جدار آخر ملاصق لجدار جاره,, قال أبوهريرة رضي الله عنه، وهو راوي الحديث: مالي أراكم عن هذا معرضين؟ والله لأرمينّ بها بين أكتافكم, متفق عليه، ومراده رضي الله عنه معرضين عن هذه السنّة، والحرص على تطبيقها، وهو حريص على تطبيق سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإحيائها بين الناس.
قال كثير من العلماء: المراد بالجار الذي أمر الله بالاهتمام به وصلته، وحثّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على رعاية حقه، من يصدق عليه حق الجوار، مع كون داره بعيدة.
وفي ذلك دليل على تعميم الجيران بالإحسان، سواء كانت الدور متقاربة، أو متباعدة، وعلى أن للجوار حرمة مرعيّة يجب الاهتمام بها، ورعايتها لأن المسلم مأمور بذلك, وفيه ردّ على من يظن أن الجار مختص بالملاصق دون من بينه وبينك حائل، أو مختص بالقريب دون البعيد، وقيل المراد بالجار الجنب هنا: هو القريب وقيل هو الأجنبيّ, وقد كان أجدادنا يهتمون بالجار، ويكرمون وفادته، بمجرد سكناه في بلدتهم مهما تباعدت الدور.
وقد اختلف أهل العلم في المقدار الذي يصدق عليه مسمى الجوار، ويثبت لصاحبه الحق الذي أوصى الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم، فقد روي عن الأوزاعي، والحسن أنه إلى حدّ أربعين داراً، من كل ناحية، وروي عن الزهري نحوه، وقيل من سمع إقامة الصلاة، وقيل إذا جمعتهما محلّة، وقيل من سمع النداء.
والأولى أن يرجع في معنى الجار، إلى الشرع، فإن وجد فيه ما يقتضي بيانه، وأنه يكون جار إلى حدّ كذا، من الدور أو من مسافة الأرض، كان العمل عليه متعيّناً، وإن لم يوجد رجع إلى معناه لغة أو عرفاً.
وجاء في القاموس: الجار المجاور الذي أجَرتَه من أن يُظلم وقصة أبي دلفٍ مع جاره مشهورة في كتب التراث ويعضدها ما أورده القرطبي في تفسيره من حديث شكّ فيه الشوكاني، مع أنه قد أخرجه الطبراني والسيوطي في الجامع الصغير، وذلك أنه روي بأن رجلاً جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني نزلت محلة قوم وإن أقربهم إليّ جواراً أشدّهم لي أذى, فبعث النبي صلى الله عليه وسلم أبابكر وعمر وعلياً، يصيحون على أبواب المساجد ألا إن أربعين داراً جار، ولا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه).
وفي عصرنا الحاضر حيث خف ميزان الجار عند بعض الناس، حتى إنه لا يعرفه ولا يزوره، فما أحوجهم إلى أخذ دروس في معاملة الجار من السنة النبوية، وأعمال سلفنا الصالح، حفظاً ورعاية ومواساة ومشاركة في المطعم والملبس.
صورة العضو الرمزية
الهنوف
مشاركات: 20559
اشترك في: الأحد 2009.10.18 1:19 pm
مكان: ..........

رد: الجار

مشاركة بواسطة الهنوف »




جزاك الله خير
صورة العضو الرمزية
نبرة فرح
مشاركات: 10483
اشترك في: السبت 2009.12.26 8:55 pm
مكان: كايرو

رد: الجار

مشاركة بواسطة نبرة فرح »

كل الشكر والتقدير
لهذة الكلمات الجميلة
ولهذا الموضوع القيم والرائع
تحياتي لك ولنبض قلمك الراقي
دمت بحفظ الرحمن
الدغري
مشاركات: 3592
اشترك في: الثلاثاء 2010.4.6 9:14 am
مكان: السعودية

رد: الجار

مشاركة بواسطة الدغري »

الهنوف لك التحية ............ وجزاك الله حيرا
الدغري
مشاركات: 3592
اشترك في: الثلاثاء 2010.4.6 9:14 am
مكان: السعودية

رد: الجار

مشاركة بواسطة الدغري »

لك التحية نبرة .................. نفعنا الله بما نكتب ونقرأ .......... وجعلنا من الذين يحفظون حقوق الجيران ويؤدونها
صورة العضو الرمزية
حكمةنساء
مشاركات: 29
اشترك في: الأحد 2010.4.25 11:31 pm
مكان: السودان

رد: الجار

مشاركة بواسطة حكمةنساء »

السلام عليكم ورحمةالله تعالي وبركاته جزاك الله خيرا موفق باذن الله
موضوعك مفيد ومهم شديد بالذات الزمن دة لانو الناس بقي عندهم جفا يقولو ليك مثلا الجار دة كعب نعامله كعب الكلام دة غلط كبير الزول يعمل بي اصلو ويعمل حق ربنا وانت الكسبان في النهايةحسنات طبعا وشكرا
الدغري
مشاركات: 3592
اشترك في: الثلاثاء 2010.4.6 9:14 am
مكان: السعودية

رد: الجار

مشاركة بواسطة الدغري »

لك التحية حكمة .......... الجار حقوقه كثيرة ................ وكا جاء في قول المصطفى صلى الله عليه وسلم : ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ) أو كما قال المصطفى صلى الله عليه وصلم .
الدغري
مشاركات: 3592
اشترك في: الثلاثاء 2010.4.6 9:14 am
مكان: السعودية

رد: الجار : يتبع

مشاركة بواسطة الدغري »

صور تجها الآن منتشرة بكثرة عن الجيران :

** تجد الكثيرين لا يعرف حتى اسم جاره
** الجيران لا يتقابلون الا مصدافة
*** أحيانا لا يسلم بعضهم على بعض
*** لأتفه الأسباب تثور الخلافات بينهم
** التصنت لحديهم وكشف أسرارهم
** عد تقديم النصح لهم والمساعدة
الدغري
مشاركات: 3592
اشترك في: الثلاثاء 2010.4.6 9:14 am
مكان: السعودية

رد: الجار

مشاركة بواسطة الدغري »

هل تفقدنا جيراننا خلال هذا الشهر ......... هل زرنا مريضهم ........ هل أعنا محتاجهم ............ هل تبسمنا في وجوههم .............
أضف رد جديد

العودة إلى ”قطاف إسلامية“