الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس

يشمل المواضيع والمشاركات الاسلامية

المشرف: بانه

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
mubark59
مشاركات: 2814
اشترك في: الأحد 2007.8.26 9:56 pm
مكان: بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

رد: الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس

مشاركة بواسطة mubark59 »

السلام علييكم الاحباب الكرام ما زلنا نرشف من معين الاحاديث النبوية من مسجد الوم رووك بيرمنجهام اليوم الجمعة 23 جمادى الثانى الموافق غره ابريل 2016م وحديث اليوم عن انس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صل الله عليه وسلم ( من سرة ان يبسط له فى رزقه وينسأ له فى اثره فليصل رحمة ) رواة البخارى ومسلم .
والان الى شرح الحديث مفصلاً .
145514: شرح حديث : ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ) .
السؤال : هل من الممكن أن تشرحوا لي هذا الحديث : عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (من أحب أن يبسط له في رزقه ويُنسأ له في أثره فليصل رحمه) متفق عليه ، وما معنى (يُنسىء له في أثره) ؟
تم النشر بتاريخ: 2010-03-05
الجواب :
الحمد لله
روى البخاري (2067) ومسلم (2557) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ) .
البسط في الرزق كثرته ونماؤه وسعته وبركته وزيادته زيادة حقيقية .
واختلفت عبارات العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ ) .
فقيل : المعنى : حُصُولُ الْقُوَّةِ فِي الْجَسَدِ .
وقيل : بِالْبَرَكَةِ فِي عُمْره , وَالتَّوْفِيق لِلطَّاعَاتِ , وَعِمَارَة أَوْقَاته بِمَا يَنْفَعهُ فِي الْآخِرَة , وَصِيَانَتهَا عَنْ الضَّيَاع فِي غَيْر ذَلِكَ .
وقيل : معناه : بَقَاءُ ذِكْرِهِ الْجَمِيلِ بَعْدَ الْمَوْتِ .
وقيل : يُكْتَبُ عُمُرُه مُقَيَّدًا بِشَرْطٍ كَأَنْ يُقَالَ : إِنْ وَصَلَ رَحِمَهُ فَلَهُ كَذَا وَإِلَّا فَكَذَا ، فتَكُون الزّيَادَة فِي العُمرِ زيَادَة حَقِيقِيّة .
راجع : "شرح النووي على مسلم" (16 / 114) – "فتح الباري" (4 / 302)
وهذا القول الأخير هو الراجح ، فيكون معنى الحديث : من أحب أن يبسط له في رزقه فيكثر ويوسع عليه ويبارك له فيه ، أو أحب أن يؤخر له في عمره فيطول : فليصل رحمه .
فتكون صلة الرحم سببا شرعيا لبسط الرزق وسعته ، وطول العمر وزيادته ، والتي لولاها لما كان هذا رزقه ، ولا كان هذا عمره – بتقدير الله تعالى وحكمته - .
قال الشيخ الألباني رحمه الله في "صحيح الأدب المفرد" (1 / 24) :
" الحديث على ظاهره ، أي : أن الله جعل بحكمته صلة الرحم سبباً شرعياً لطول العمر وكذلك حسن الخلق وحسن الجوار كما في بعض الأحاديث الصحيحة ، ولا ينافي ذلك ما هو معلوم من الدين بالضرورة أن العمر مقطوع به ؛ لأن هذا بالنظر للخاتمة ، تماماً كالسعادة والشقاوة ، فهما مقطوعتان بالنسبة للأفراد فشقي أو سعيد ، فمن المقطوع به أن السعادة والشقاوة منوطتان بالأسباب شرعاً .
وكما أن الإيمان يزيد وينقص ، وزيادته الطاعة ونقصانه المعصية ، وأن ذلك لا ينافي ما كتب في اللوح المحفوظ ، فكذلك العمر يزيد وينقص بالنظر إلى الأسباب فهو لا ينافي ما كتب في اللوح أيضاً " انتهى .
قال الطحاوي رحمه الله :
" يحتمل أن يكون الله عز وجل إذا أراد أن يخلق النسمة جعل أجلها إن برت كذا وإن لم تبر كذا ، لما هو دون ذلك ، وإن كان منها الدعاء رد عنها كذا ، وإن لم يكن منها الدعاء نزل بها كذا ، وإن عملت كذا حرمت كذا ، وإن لم تعمله رزقت كذا ، ويكون ذلك مما يثبت في الصحيفة التي لا يزاد على ما فيها ولا ينقص منه " انتهى .
"بيان مشكل الآثار" (7 / 202) .
وقال الحليمي رحمه الله في معناه : " أن من الناس من قضى الله عز وجل بأنه إذا وصل رحمه عاش عددا من السنين مبينا ، وإن قطع رحمه عاش عددا دون ذلك ، فحمل الزيادة في العمر على هذا " انتهى .
"شعب الإيمان" (6 / 219) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" الْأَجَلُ أَجَلَانِ " أَجَلٌ مُطْلَقٌ " يَعْلَمُهُ اللَّهُ " وَأَجَلٌ مُقَيَّدٌ " وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ) فَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمَلَكَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ أَجَلًا وَقَالَ : " إنْ وَصَلَ رَحِمَهُ زِدْتُهُ كَذَا وَكَذَا " وَالْمَلَكُ لَا يَعْلَمُ أَيَزْدَادُ أَمْ لَا ؛ لَكِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فَإِذَا جَاءَ ذَلِكَ لَا يَتَقَدَّمُ وَلَا يَتَأَخَّرُ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (8 / 517) .
وقال الشيخ صالح الفوزان حفظه الله :
" معناه : أن الله سبحانه وتعالى وعد من يصل رحمه أن يثيبه وأن يجزيه بأن يطيل في عمره ، وأن يوسع له في رزقه جزاءً له على إحسانه .
ولا تعارض بين هذا الحديث وبين الحديث الذي فيه أن كل إنسان قد قدر أجله ورزقه وهو في بطن أمه ؛ لأن هناك أسبابًا جعلها الله أسبابًا لطول العمر وأسبابًا للرزق ، فهذا الحديث يدل على أن الإحسان وصلة الرحم سبب لطول الأجل وسبب لسعة الرزق ، والله جل وعلا هو مقدر المقادير ومسبب الأسباب ، هناك أشياء قدرها الله سبحانه وتعالى على أسباب ربطها بها ورتبها عليها إذا حصلت مستوفية لشروطها خالية من موانعها ترتبت عليها مسبباتها قضاءً وقدرًا وجزاءً من الله سبحانه وتعالى " انتهى .
"المنتقى من فتاوى الفوزان" (98 / 1) .
وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله :
" وذلك : أن الله يجازي العبد من جنس عمله ؛ فمن وصل رحمه وصل الله أجله ورزقه ، وصلاً حقيقياً ، وضده : من قطع رحمه ، قطعه الله في أجله وفي رزقه " انتهى .
"فتاوى الشيخ ابن جبرين" (54 / 13)
صورة العضو الرمزية
mubark59
مشاركات: 2814
اشترك في: الأحد 2007.8.26 9:56 pm
مكان: بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

رد: الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس

مشاركة بواسطة mubark59 »

الاحباب الكرام نتواصل معكم انتم ونحن نبدى الاهتمام مع احاديث اشرف الخلف وسيد الانام محمد بن عبدالله صل الله عليه وسلم وعلى اصحابة الكرام ، ويسعدنا ان يكون حديث اليوم هو حديثه عن نفسه ( اؤتيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب ) فالى شرح الحديث اليوم الاثنين الرابع من رجب الخير 1437 هجرية الموافق 11 ابريل 2016 م من مسجد الوم رووك بيرمنجهام وما زلنا فى معيه الشيخ الجليل الباكستاتى عبدالجليل فالى شرح الحديث :
إعداد الباحثة: فاطمة الزهرة المساري*
الحمد الله الذي فتق لسان الذبيح بالعربية البينة والخطاب الفصيح، وتولاه بأثرة التقدم في النطق باللغة التي هي أفصح اللغات، وجعله أبا للبلاغة التي هي أتم البلاغات، واستل من سلالته عدنان وأبناءه، فلم يخل شعبا من شعوبهم، ولا قبيلة من قبائلهم من شعراء، وخطباء، يرمون في حذق البيان، ويصيبون الأغراض بالكلم الرواشق، ويتصرفون عليه فيها من الكناية والتعريض والاستعارة والتمثيل وأصناف البديع وضروب المجاز والافتنان في الإشباع والإيجاز. ثم إن هذا البيان العربي كأن الله عز وجل مخضه، وألقى زبدته على لسان نبيه محمد عليه أفضل صلاة وأوفر سلام[1]، فكان صلى الله عليه وسلم من ذلك بالمحل الأفضل، والموضع الذي لا يجهل، سلاسة طبع، وبراعة منزع، وإيجاز مقطع، ونصاعة لفظ، وجزالة قول، وصحة معان، وقلة تكلف، وأوتي جوامع الكلم، وخص ببدائع الحكم، وعلم ألسنة العرب، يخاطب كل أمة بلسانها[2].
قال صلى الله عليه وسلم: (أوتيت جوامع الكلم واختصر لي الحديث اختصارا)[3]. وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بعثت بجوامع الكلم ونصرت بالرعب وبينما أنا نائم رأيتني أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي). قال أبو هريرة: "فقد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تلغثونها[4]"[5]، وذكر بدر الدين الحنفي نقلا عن البخاري: "بلغني أن جوامع الكلم أن الله يجمع له الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله في الأمر الواحد أو الاثنين"[6].
بينما عرف المناوي "جوامع الكلم" بالكلمات البليغة الوجيزة الجامعة للمعاني الكثيرة[7]. وجاء في حاشية السندي: "( جوامع الكلم ) أي: من جوامع الكلم للخيرات"[8]. ومنه قول عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى: "عجبت لمن لاحن الناس كيف لا يعرف جوامع الكلم. أي: فاطنهم وجادلهم"[9].
وفسر فريق جوامع الكلم بالقرآن، كما قال القرطبي في تفسير قوله تعالى: (وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُولُو الأَلْبَابِ): "يقال: إن من أعطي الحكمة والقرآن فقد أعطي أفضل ما أعطي من جمع علم كتب الأولين. ثم قال: "وسمى هذا خيرا كثيرا، لأن هذا هو جوامع الكلم"[10].
وقال الحميدي في تفسير غريب الصحيحين: "أوتيت جوامع الكلم؛ يعني القرآن جمع الله بلطفه وحكمته في الألفاظ اليسيرة منه معاني كثيرة، وروي في صفته صلى الله عليه وسلم أنه كان يتكلم بجوامع الكلام، أي: أنه كان كثير المعاني قليل الألفاظ"[11]. وجاء في النهاية: (أتيت جوامع الكلم) يعني: القرآن جمع الله بلطفه في الألفاظ اليسيرة منه معاني كثيرة، واحدها جامعة؛ أي: كلمة جامعة"[12]. وقال الهروي: "يعني به القرآن جمع الله سبحانه وتعالى في الألفاظ اليسيرة منه المعاني الكثيرة، وكلامه صلى الله عليه وسلم كان بالجوامع قليل اللفظ كثير المعاني"[13].
ويظهر من التعريفات السابقة أن جوامع الكلم التي خص بها النبي صلى الله عليه و سلم نوعان أحدهما: ما هو في القرآن كقوله تعالى: )إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي([14]. قال الحسن البصري: "إن الله عز وجل جمع لكم الخير كله والشر كله في آية واحدة، فوالله ما ترك العدل والإحسان من طاعة الله شيئاً إلا جمعه، ولا ترك الفحشاء والمنكر والبغي من معصية الله شيئاً إلا جمعه"[15]. وقال أيضا: "لم تترك هذه الآية خيرا إلا أمرت به ولا شرا إلا نهت عنه"[16].
وقوله تعالى: )فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره[17](.قال ابن عاشور في تفسير هذه الآية: "مَثَل في أقل القلة، وذلك للمؤمنين ظاهر وبالنسبة إلى الكافرين فالمقصود ما عملوا من شر، وأما بالنسبة إلى أعمالهم من الخير فهي كالعدم فلا توصف بخير عند الله، لأن عمل الخير مشروط بالإيمان. وإنما أعيد قوله: )ومن يعمل( دون الاكتفاء بحرف العطف لتكون كل جملة مستقلة الدلالة على المراد، لتختص كل جملة بغرضها من الترغيب أو الترهيب، فأهمية ذلك تقتضي التصريح والإطناب. وهذه الآية معدودة من جوامع الكلم"[18].
وثانيهما: ما هو في كلامه صلى الله عليه و سلم، وهو منتشر موجود في السنن المأثورة عنه صلى الله عليه و سلم[19].
قال ابن عبد البر: "وقد صنف العلماء رحمهم الله في كشف ما غرب من ألفاظه واستبهم، وبيان ما استعجم كتبا كثيرة احتاطوا في تصنيفها، كما جمع العلماء رضي الله عنهم جموعا من كلماته صلى الله عليه و سلم الجامعة. فصنف الحافظ أبو بكر بن السني(364هـ) كتابا سماه: "الإيجاز وجوامع الكلم من السنن المأثورة"، وأشار الخطابي (388هـ) في أول كتابه "غريب الحديث"[20] إلى يسير من الأحاديث الجامعة، وجمع القاضي أبو عبد الله القضاعي(454هـ) من جوامع الكلم المجيزة كتابا سماه: "الشهاب في الحكم والآداب"[21]، وصنف على منواله قوم آخرون فزادوا على ما ذكره زيادة كثيرة. وأملى الإمام الحافظ أبو عمرو ابن الصلاح(643هـ) مجلسا سماه: "الأحاديث الكلية" جمع فيه الأحاديث الجوامع التي يقال إن مدار الدين عليها، وما كان في معناها من الكلمات الجامعة الوجيزة؛ فاشتمل مجلسه هذا على ستة وعشرين حديثا. ثم إن الفقيه الإمام الزاهد القدوة أبا زكريا يحيى النووي(676هـ) رحمة الله عليه، أخذ هذه الأحاديث التي أملاها ابن الصلاح وزاد عليها تمام اثنين وأربعين حديثا وسمى كتابه: "بالأربعين"[22]، واشتهرت هذه الأربعون التي جمعها وكثر حفظها"[23].
ومن أمثلة جوامع الكلم في كلامه صلى الله عليه وسلم قوله في خطبة الحاجة: (إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)[24]. قال ابن رجب: "فقوله صلى الله عليه و سلم: (كل بدعة ضلالة) من جوامع الكلم، لا يخرج عنه شيء، وهو أصل عظيم من أصول الدين"[25].
ومن أمثلة جوامع الكلم قوله صلى الله عليه وسلم: (ابن آدم إذا أصبحت معافى في جسدك، آمنا في سربك، عندك قوت يومك، فعلى الدنيا العفاء)[26]. قال المناوي في التيسير بشرح الجامع الصغير: " (فعلى الدنيا العفاء) الهلاك والدروس وذهاب الأثر، وذا من جوامع الكلم البديعة والمواعظ السنية البليغة"[27].
و قوله صلى الله عليه وسلم: (ما جمع شيء إلى شيء أفضل من علم إلى حلم)[28]، قال المناوي: "وذلك لأن الحلم سعة الأخلاق، فإن كان هناك علم ولم يكن حلم ساء خلقه وتكبر بعلمه، لأن للعلم حلاوة، ولكل حلاوة شرة، فإذا ضاقت أخلاقه لم ينتفع بعلمه. قالوا: وذا من جوامع الكلم"[29].
ومنه أيضا قوله صلى الله عليه وسلم: ( كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل)[30]. لأن الإنسان إنما أوجد ليمتحن بالطاعة فيثاب، وبالإثم فيعاقب. قال تعالى: )لنبلوهم أيهم أحسن عملاً( [31]. فهو كعبد أرسله سيده في حاجة، فهو إما غريب أو عابر سبيل، فحقه أن يبادر لقضائهم ثم يعود وطنه، وشبه الناسك السالك بغريب لا مسكن له يأويه، ثم ترقى وأضرب عنه إلى عابر السبيل، لأن الغريب قد يسكن بلد الغربة وابن السبيل بينه وبين مقصده مفارز مهلكة وشأنه أن لا يقيم لحظة.... وذا من جوامع الكلم"[32].
وكان صلى الله عليه وسلم يعجبه جوامع الكلم ويختاره على غيره في الذكر[33]، كما في صحيح مسلم عن ابن عباس عن جويرية بنت الحارث؛ أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها، ثم رجع بعد أن ضحي وهي جالسة فقال: )مازلت على الحال التي فارقتك عليها)، قالت: "نعم". فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم:( لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن، سبحان الله وبحمده، عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته)[34].
صورة العضو الرمزية
mubark59
مشاركات: 2814
اشترك في: الأحد 2007.8.26 9:56 pm
مكان: بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

رد: الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس

مشاركة بواسطة mubark59 »

السلام علييكم الاحباب الكرام ونتواصل معكم اليوم ونحن فى ذكرى وفاة الوالد مبارك ادريس الثالثة اليوم الجمعة 8 رجب 1437 هجرية الموافق 15 ابريل 2016م وكنت قد خصصت بوست خاص بهذا الامر فى صفحتى على الفيس بوك ، وفى صفحة ابناء السقاى البتلاب على الفيس بوك ، واوردت حديث ( إذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاث علم ينتفع به وصدقة جارية وابن صالح يدعو له ) فأسال الله ان يوفق كل الابناء الصالحين للدعاء لامواتهم خاصه والديهم ، وكنت اريد ان يكون حديث اليوم ،ولكن رايت ان يكون حديث اليوم ما قدمه الشيخ عبدالجليل الباكستانى عن دعاء رسول الله صل الله عليه وسلم ( اللهم انى اسالك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين والدنو منهم ) فإلى الحديث وشرحه :
اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي، وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةَ قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ، وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَى حُبِّكَ))([1]).
قال النبي صلى الله عليه وسلم ((إنها حق , فادرسوها ثم تعلموها))([2]).
الشرح:
هذا الدعاء المبارك الذي بين يديك يا عبد اللَّه، هو من أجمع الأدعية وأكملها، وأجلّها قدراً وشأناً؛ لتضمّنه سؤال اللَّه تعالى التوفيق إلى القيام بأفضل الأعمال من الصالحات, وسؤاله الوقاية من كل المنكرات والسيئات، والفتن والمحن في الدين والمعاش، والمعاد، فينبغي للعبد الإكثار منه, وفهم مقاصده ومدلولاته، والعمل بمضامينه؛ فإن من [تعلَّمه] وعمل به نال السعادة والهنا في الدنيا، والبرزخ، والآخرة، فمن جلالة هذا الدعاء، وعلو مكانته أن اللَّه تبارك وتعالى أمر حبيبه النبي صلى الله عليه وسلم حينما رآه في المنام، ورؤية الأنبياء حق فقال له: ((يا محمد، إذا صليت فقل: اللَّهم إني أسألك فعل الخيرات، وَتَرْكَ الْمُنْكَرَاتِ، وَحُبَّ الْمَسَاكِينِ، وَأَنْ تَغْفِرَ لِي، وَتَرْحَمَنِي، وَإِذَا أَرَدْتَ فِتْنَةَ قَوْمٍ فَتَوَفَّنِي غَيْرَ مَفْتُونٍ، وَأَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَحُبَّ عَمَلٍ يُقَرِّبُنِي إِلَى حُبِّكَ))، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ((إِنَّهَا حَقٌّ فَادْرُسُوهَا وَتَعَلَّمُوهَا))، فأمر صلى الله عليه وسلم بمدارسته وتعلّم معانيه ومقاصده، فدلّ على خصوصية هذا الدعاء على غيره لهذه الأمور كما ترى.
قوله: ((اللَّهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات)) تضمّن هذا السؤال طلب كل خير، وترك كل شرّ؛ فإن الخيرات: تجمع كل ما يحبه اللَّه سبحانه وتعالى ويُقرّب إليه من الأعمال والأقوال، ومن الواجبات والمستحبات. والمنكرات: تشمل كل ما يكرهه اللَّه تعالى، ويباعد عنه من الأقوال والأعمال، فمن تحصَّل له هذا المطلوب، حصل له خير الدنيا والآخرة , وهذا من الجوامع التي أوتيها النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان يحبّ مثل هذه الأدعية الجامعة، كما في حديث عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أنها قالت: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يستحب الجوامع من الدعاء ويدع ما سوى ذلك))([3]) .
قوله: ((وحُبَّ المساكين)): حب المساكين يدخل من جملة فعل الخيرات، وإنما أفرده بالذكر، وهو ما يُسمّى بعطف الخاص على العام لشرفه وقوة العناية والاهتمام به، فقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم اللَّه أن يجعله منهم، ويرزقه الحشر والوفاة معهم ((اللَّهم أحيني مسكيناً، وأمتني مسكيناً، واحشرني في زمرة المساكين))([4]) .
وحب المساكين هو أصل الحب في اللَّه تعالى؛ لأنه ليس عندهم من الدنيا ما يوجب محبتهم لأجله، فلا يحبون إلا للَّه عز وجل والحب في اللَّه من أوثق عُرى الإيمان، وهو أفضل الإيمان، قال النبي صلى الله عليه وسلم((من أحب للَّه، وأبغض للَّه، وأعطى للَّه، ومنع للَّه، فقد استكمل الإيمان))([5])، وتذوق حلاوة الإيمان, قال النبي صلى الله عليه وسلم((ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ))([6])، ووصَّى أمَّنا أمَّ المؤمنين الصدِّيقة بنت الصدِّيق عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فقال لها: ((يا عائشة أحبِّي المساكين، وقرّبيهم، فإن اللَّه يقربك يوم القيامة))([7]) .
قوله: ((وأن تغفر لي، وترحمني))، سأل المغفرة والرحمة لأنهما يجمعان خير الآخرة كله، فبالمغفرة يأمن العبد من العذاب، وكل شرٍّ، وأما الرحمة فهي دخول الجنة، وعلوّ درجاتها، فجميع ما في الجنة من النعيم بالمخلوقات فإنه من رحمته تعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم ((إن اللَّه عز وجل يقول للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي))([8]) أن تستر عليَّ ذنوبي، وتمحوها، وأن ترحمني بتوالي نعمك عليَّ في الدنيا والآخرة، وأن توفقني إلى التوبة وتقبلها مني.
قوله: ((وإذا أردت بعبادك فتنة، فاقبضني إليك غير مفتون)): وإذا أردت أن توقع بقوم فتنة وعقوبة في الدين، أو عقوبة دنيوية من البلايا والمحن والعذاب، فتوفّني إليك قبل وقوعها، وافتتان الناس بها؛ فإن المقصود من هذا الدعاء العظيم السلامة من الفتن طول الحياة، والنجاة من الشر كله قبل حلوله، ووقوعه، وبأن يتوفّاه اللَّه تعالى سالماً معافىً قبل حلول الفتن، وهذا لا شك من أهم الأدعية لأنه من أعظم المنى أن يحيى المؤمن معافىً سليماً مدة حياته من الفتن والمحن، ثم يقبضه اللَّه تعالى إليه قبل وقوعها؛ ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه أن ((يتعوّذوا باللَّه من الفتن ما ظهر منها وما بطن))([9]).
وفيه جواز الدعاء بالموت خشية الفتنة في الدين، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اثْنَتَانِ يَكْرَهُهُمَا ابْنُ آدَمَ: الْمَوْتُ، وَالْمَوْتُ خَيْرٌ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ الْفِتْنَةِ، وَيَكْرَهُ قِلَّةَ الْمَالِ وَقِلَّةُ الْمَالِ أَقَلُّ لِلْحِسَاب))([10]).
قوله: ((وأسألك حُبك)) ثم شرع في سؤال أعظم المطالب، وأسمى المراتب، وأغلى الأماني، فقال: ((وأسألك حُبك)): أي أسألك حبّك إيّاي، وهذا أعظم مطلوب أن يكون العبد محبوباً عند اللَّه عز وجل وتضمن سؤاله حبه تعالى، سؤال محبة العبد لربه تعالى، أي وأسألك حبي إياك، فلا يكون شيء أحب إليَّ منك، فدلّ هذا الدعاء العظيم من أجلِّ الأدعية لتضمّنه جوامع الكلم؛ لأنه يجمع كل خير، فإذا كانت محبّة اللَّه تعالى ثابتة في قلب العبد نشأت عنها حركات الجوارح، فكانت بحسب ما يحبه اللَّه تعالى ويرتضيه، فأحب ما يحبه اللَّه تعالى من الأعمال، والأقوال كلها ففعل حينئذ الخيرات كلها، وترك المنكرات كلها، وهذا كمال العبودية للَّه تعالى رب العالمين، ومن طلب محبة اللَّه عز وجل أعطاه اللَّه تعالى فوق ما يريده من الدنيا تبعاً.
فمن رزق هذه المحبة كانت كل أعماله، وأقواله، وأفعاله مسددة على مراد اللَّه تعالى، فيُجعل له الحب والقبول في الأرض، وفي السماء كما في الصحيح([11]) .
قوله: ((وحبّ من يحبُّك))، وأسألك حب من يحبك من الأنبياء والعلماء والصالحين .
قوله: ((وحّب عمل يقرّبني إلى حبك)) أي وأسألك أن توفّقني إلى أحب الأعمال الصالحة التي تقرّبني إلى حبّك، فمن رزق هذه المحابّ فاز في الدنيا و الآخرة.
وفي سؤال هذه المحاب وهي داخلة في صدر الدعاء ((فعل الخيرات)) هو من عطف الخاص على العام لجلالة شرف وقوة الاهتمام بهذه المطالب المهمة من المحاب، وأنها هي أصل فعل الخيرات كلها، ومنتهاها وجماعها إليها .
ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بفهمها و العمل بمقتضاها، وذلك لعظم شأنها لما حوته من المطالب، والمقاصد الجليلة في الدنيا والآخرة، وأنه ينبغي العناية بفهم الألفاظ، واستحضار المعاني عند السؤال، فإن ذلك أرجى في قبول الدعاء، وأكثر أثراً في النفس، وتذوق حلاوة الإيمان، ولذَّة مناجاة اللَّه تبارك وتعالى.
صورة العضو الرمزية
mubark59
مشاركات: 2814
اشترك في: الأحد 2007.8.26 9:56 pm
مكان: بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

رد: الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس

مشاركة بواسطة mubark59 »

نتواصل معكم الاحباب فى كل مكان ونحن بالاثنين من بيرمنجهام ومسجد الوم رووك والشيخ عبدالجليل الباكستانى والدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى الحديث واليوم الاثنين 11 رجب 1437 هجرية الموافق 18 ابريل وقد اختار الشيخ حديث ( اذا رايتم المداحين فاحثوا فى وجوههم التراب ) فالى شرح الحديث وتخريجة :
صحيح مسلم
و حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن منصور عن إبراهيم عن همام بن الحارث أن رجلا جعل يمدح عثمان فعمد المقداد فجثا على ركبتيه وكان رجلا ضخما فجعل يحثو في وجهه الحصباء فقال له عثمان ما شأنك فقال
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب
و حدثناه محمد بن المثنى وابن بشار قالا حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن منصور ح و حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا الأشجعي عبيد الله بن عبيد الرحمن عن سفيان الثوري عن الأعمش ومنصور عن إبراهيم عن همام عن المقداد عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله
---
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن المثنى جميعا عن ابن مهدي واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن حبيب عن مجاهد عن أبي معمر قال قام رجل يثني على أمير من الأمراء فجعل المقداد يحثي عليه التراب وقال
أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثي في وجوه المداحين التراب
صحيح مسلم بشرح النووي
قوله : ( أمرنا صلى الله عليه وسلم أن نحثي في وجوه المداحين التراب )
هذا الحديث قد حمله على ظاهره المقداد الذي هو راويه , ووافقه طائفة , وكانوا يحثون التراب في وجهه حقيقة . وقال آخرون : معناه خيبوهم , فلا تعطوهم شيئا لمدحهم . وقيل : إذا مدحتم فاذكروا أنكم من تراب فتواضعوا ولا تعجبوا , وهذا ضعيف .
مسند أحمد
حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن الحكم عن ميمون بن أبي شبيب قال
جعل يمدح عاملا لعثمان فعمد المقداد فجعل يحثو التراب في وجهه فقال له عثمان ما هذا قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب
-----
حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا علي بن الحكم عن عطاء بن أبي رباح قال
كان رجل يمدح ابن عمر قال فجعل ابن عمر يقول هكذا يحثو في وجهه التراب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب
-----
حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن حبيب عن مجاهد عن أبي معمر قال
قام رجل يثني على أمير من الأمراء فجعل المقداد يحثي في وجهه التراب وقال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثي في وجوه المداحين التراب
-----
حدثنا وكيع وعبد الرحمن قالا حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن همام بن الحارث قال
جاء رجل إلى عثمان فأثنى عليه في وجهه قال فجعل المقداد بن الأسود يحثو في وجهه التراب يقول أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقينا المداحين أن نحثو في وجوههم التراب
-----
البحر الزخار - مسند البزار
حدثنا هشام بن يونس الكوفي قال : نا حفص بن غياث عن الأعمش عن إبراهيم التميمي عن أبيه قال : كنا عند عثمان بن عفان - رضي الله عنه - فجعل رجل يثني عليه فجعل المقداد يحثوا في وجهه يعني التراب ، وقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ي : ( إذارأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب .
وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الأعمش بهذا الإسناد إلا حفص بن غياث .).
سنن الترمذي
حدثنا محمد بن عثمان الكوفي حدثنا عبيد الله بن موسى عن سالم الخياط عن الحسن عن أبي هريرة قال
أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثو في أفواه المداحين التراب
قال أبو عيسى هذا حديث غريب من حديث أبي هريرة
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
قوله : ( هذا حديث غريب من حديث أبي هريرة )
وهو منقطع لأن الحسن لم يسمع من أبي هريرة شيئا
------
حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن مجاهد عن أبي معمر قال
قام رجل فأثنى على أمير من الأمراء فجعل المقداد يحثو في وجهه التراب وقال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثو في وجوه المداحين التراب
وفي الباب عن أبي هريرة قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد روى زائدة عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عباس وحديث مجاهد عن أبي معمر أصح وأبو معمر اسمه عبد الله بن سخبرة والمقداد بن الأسود هو المقداد بن عمرو الكندي ويكنى أبا معبد وإنما نسب إلى الأسود بن عبد يغوث لأنه كان قد تبناه وهو صغير
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي
قوله : ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثو في وجوه المداحين التراب )
قيل يؤخذ التراب ويرمى به في وجه المداح عملا بظاهر الحديث وقيل معناه الأمر بدفع المال إليهم إذ المال حقير كالتراب بالنسبة إلى العرض في كل باب , أي أعطوهم إياه واقطعوا به ألسنتهم لئلا يهجوكم وقيل معناه أعطوهم عطاء قليلا فشبه لقلته بالتراب . وقيل المراد منه أن يخيب المادح ولا يعطيه شيئا لمدحه والمراد زجر المادح والحث على منعه من المدح لأنه يجعل الشخص مغرورا ومتكبرا . قال الخطابي : المداحون هم الذين اتخذوا مدح الناس عادة وجعلوه بضاعة يستأكلون به الممدوح . فأما من مدح الرجل على الفعل الحسن , والأمر المحمود يكون منه ترغيبا له في أمثاله وتحريضا للناس على الاقتداء على أشباهه فليس بمداح . وفي شرح الستة قد استعمل المقداد الحديث على ظاهره في تناول عين التراب وحثه في وجه المادح وقد يتأول على أن يكون معناه الخيبة والحرمان أي من تعرض لكم بالثناء والمدح فلا تعطوه واحرموه , كنى بالتراب عن الحرمان كقولهم : ما في يده غير التراب وكقوله صلى الله عليه وسلم : " إذا جاءك يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه ترابا " .
قلت : الأولى أن يحمل الحديث على ظاهره كما حمله عليه رواية المقداد بن الأسود , وإلا فالأولى أن يتأول على أن يكون معناه الخيبة والحرمان , وأما ما سواه من التأويل ففيه بعد كما لا يخفى والله أعلم .
وقال الغزالي : في المدح ست آفات أربع على المادح واثنتان على الممدوح , أما المادح فقد يفرط فيه فيذكره بما ليس فيه فيكون كذابا , وقد يظهر فيه من الحب ما لا يعتقده فيكون منافقا , وقد يقول له ما لا يتحققه فيكون مجازفا , وقد يفرح الممدوح به وربما كان ظالما فيعصى بإدخال السرور عليه , وأما الممدوح فيحدث فيه كبرا وإعجابا وقد يفرح فيفسد العمل .
قوله : ( وفي الباب عن أبي هريرة )
أخرجه الترمذي في هذا الباب .
قوله : ( هذا حديث حسن صحيح )
وأخرجه أحمد ومسلم والبخاري في الأدب المفرد , وأبو داود وابن ماجه كذا في المرقاة .
صورة العضو الرمزية
mubark59
مشاركات: 2814
اشترك في: الأحد 2007.8.26 9:56 pm
مكان: بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

رد: الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس

مشاركة بواسطة mubark59 »

السلام الاحباب فى كل مكان من ربوع الوطن الحبيب السودان ومن ربوع اقطار العالم الاخر الذى نتواصل معه بفضل المولى الكريم وتكنلوجيا الاتصالات ونحمد الله الذى قرب لنا المسافات ودلنا على فعل الخيرات وتبليغ الايات ، ونسال الله ان نتواصل معكم لمزيدا من الحسنات والمعلومات ، والتى نسال الله ان ننتفع بها فى الحياة وقبل الممات وتكون لنا حرزاً من الهفوات وزياده فى الحسنات وسبباً فى دخول الجنات .
حديثنا اليوم الاثنين الثانى من شعبان 1437 هجرية الموافق 9 مايو 2016 م من مسجد الوم رووك بيرمنجهام والشيخ عبدالجليل الباكستانى كان مختصر الكلمات كبير المعانى والحديث هو ( من لا يرحم لا يُرحم ) والان الى تفاصيل شرح الحديث :
عن أبى هريرة رضي الله عنه أن الأقرع بن حابس رضي الله عنه أبصر النبى -صلى الله عليه وسلم- يقبّل الحسن ، فقال: "إن لي عشرةٌ من الولد ما قبّلت واحداً منهم"، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ( إنه من لا يَرحم، لا يُرحم) متفق عليه.
وفي رواية المستدرك عن عائشة رضي الله عنها: (أرأيت إن كان الله نزع الرحمة من قلبك فما ذنبي؟) .
تفاصيل الموقف
نطالع في هذه السطور طبيعتين متغايرتين، وموقفين متناقضين، وشخصيّتين متباينتين، تمثّلت الأولى منهما في نبيّ كريم، وكنفٍ رحيم، تنضحُ مواقفه بالرعاية الحانية، واللمسة الرقيقة، والوجه البشوش، والجانب الليّن، والحفاوة البالغة.
وأما الأخرى منهما، فجلافةٌ في الطبع، وقسوةٌ في التعامل، ورحمةٌ غاض ماؤها، وجفّت بساتينها، وذبلت أزهارها، لتحلّ محلّها قسوةٌ لا تلين، وشدّة لا مكان فيها لمعاني الرّقة والحنوّ، والعطف والرّفق.
تلك هي شخصيّة الأقرع بن حابس سيّد بني تميم، من أعراب الباديّة الذين عركتهم حياة البادية –بقسوتها وشدّتها- ونهشتهم بأنيابها، فتطبّعوا بطباعها، وتخلّقوا بأخلاقها.
ومن هذا المنطلق كان الأقرع بن حابس يُعامل أولاده العشرة منذ نعومة أظفارهم معاملة الكبار والرّجال، دون أن يسمح للمشاعر المرهفة والإحسان المطلوب لسنّ الطفولة أن تجد لها طريقاً إلى التعامل مع أبنائه.
ثم تهيّأت الفرصة للأقرع أن يزور رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في بيته؛ ليتجاذب معه أطراف الحديث، فأكرمه النبي عليه الصلاة والسلام واستقبله أحسن استقبال، وأقبل إليه بوجهه البشوش وقلبه الكبير كعادته عليه الصلاة والسلام مع ضيوفه.
وصادف في هذه الأثناء أن دخل الحسن رضي الله عنه إلى مجلس النبي –صلى الله عليه وسلم- والشوق واللهفة يدفعانه دفعاً إلى الحضن النبويّ الدافئ، والرّحمة الفيّاضة، وكيف لا يفعل الصغير ذلك وذاكرته ملأى بمواقف الحبّ والحفاوة التي يحظى بها مع أخيه الحسين رضي الله عنهما؟.
وهكذا ألقى الصبيّ نفسه بين أحضان رسول الله –صلى الله عليه وسلم- ليضمّه عليه الصلاة والسلام ويقبّله مراراً، وعندما أبصر الأقرع هذا المشهد –وهو مشهدٌ غير مألوف بالنسبة له- انعقد حاجباه دهشةً واستغراباً، فلم يكن من المألوف لديه معاملة الصغار بمثل هذه الشفقة والرحمة، فلذلك علّق قائلاً: "إن لي عشرةٌ من الولد ما قبّلت واحداً منهم".
ما هذا الطبع الذي اتّصف به الأقرع ليحرمه من بركة الله وفضله، ورحمته الموعودة للرحماء في الأرض كما هو منصوصٌ عليه في الشرع، فما كان من النبي –صلى الله عليه وسلم- إلا أن أجابه معلماً: : ( إنه من لا يَرحم، لا يُرحم) ، وفي رواية: (أرأيت إن كان الله نزع الرحمة من قلبك فما ذنبي؟) .
إضاءات حول الموقف
يُرشد الموقف النبويّ الكريم إلى ضرورة معاملة الصغار من منطلق الرحمة والرأفة والشفقة، وهذا يقتضي في المقابل ترك الغلظة والجفاء معهم بكافّة أشكاله وصوره؛ وهذا الإرشاد مستفادٌ من فعل النبي –صلى الله عليه وسلم- مع الحسن رضي الله عنه من الملاطفة والتقبيل، ومن قوله عليه الصلاة والسلام: : ( إنه من لا يَرحم، لا يُرحم) .
فالله سبحانه وتعالى يرحم من عباده الرّحماء، وأولى الناس بمظاهر الرّحمة والرأفة هم صغار السنّ والذين يعيشون مرحلة الطفولة، وهذا يستدعي مودّة تسعهم، وحلماً لا يضيق بجهلهم، وملاعبةً تًنمّي الأواصر وتقوّي الصلات الروحيّة بين الصغير والكبير.
وهذه الرعاية الخاصّة التي جاء التوجيه النبوي بها لها أثرٌ كبير على نفسيّة الأطفال واستقرارهم العاطفيّ، وهي عاملٌ أصيلٌ من عوامل النموّ السلوكيّ، فصدق رسول الله –صلى الله عليه وسلم- القائل: ( ليس منا من لم يرحم صغيرنا) رواه أحمد .
صورة العضو الرمزية
mubark59
مشاركات: 2814
اشترك في: الأحد 2007.8.26 9:56 pm
مكان: بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

رد: الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس

مشاركة بواسطة mubark59 »

1 min
نحييكم الاحباب فى كل مكان واليوم الجمعة 6 رجب 1473 هجرية الموافق 13 مايو 2016م وسوف اقدم لكم اليوم موضوعين فى موضوع واحد كاول تجربه وهو ملخص خطبة الجمعة التى سوف اقدمها اليوم فى مصلى الشركة بيرمنجهام وحديث بعد صلاة الفجر من مسجد الوم رووك والشيخ عبدالجليل الباكستانى وسوف ابدا بخطبه الجمعة مختصره وبعدها ان شاء الله الحديث .
جمعة طيبة وصلوات مقبوله اخترت لخطبه الجمعة اليوم مواصله الخطبة السابقة عن كيفيه استقبال الضيف الكريم شهر رمضان وان نستقبله بالطاعات والتوبه من السيئات ومحاسبة النفس من الزلات والاكثار فيه من الاحسان على عباد الرحمن واغتنام اوقات الشهر الكريم فى تلاوة القران ، والابتعاد عن السهر ولعب الورق ومتابعة المسلسلات التى لا تدعو الى ما قال الله وقال رسول الله صل الله عليه وسلم وتلهى عن صلوات الجماعة والتراويح ، فقد جاء فى الحديث القدسى ( وما تقرب لى عبدى بمثل ما افترضته عليه ) وفى الخطبة الثانية ذكرت كيفيه الفدية والفدية لمن يكون مريضا مرضا لا يرجىء برؤه ولكبار السن من الرجال والنساء فالاية 184 من سورة البقرة وضحت ذلك ،وقد ذكر ابن عباس انه صح عليه انه قال ان الايه المذكورة غير منسوخه ، ويجوز اخراج الفدية لمسكين واحد حسب ما يحدده مجلس الافتاء االشرعى فى البلد والحمد لله فى الاتحاد الاوربى مجلس الافتاء يحدد القيمة بعمله كل بلد اوربى ويجوز اخراجها يوم بيوم او نهاية الشهر ولا يجوز اخراجها قبل بداية شهر رمضان لانها مرتبطه بالصيام حسب راى الجمهور من العلماء .
من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ...
للشيخ العثيمين رحمه الله
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : " من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهّل الله له به طريقا إلى الجنة ، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السّكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفّتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده ، ومن بطّأ به عمله لم يسرع به نسبه " رواه مسلم بهذا اللفظ .
الشرح
قال النووي ـ رحمه الله تعالى ـ في الأربعين النووية : الحديث السادس والثلاثون ، عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة " والكرب يعني : الشدة والضيق والضنك ، والتنفيس معناه : إزالة الكربة ورفعها ، وقوله :" من كرب الدنيا " يعم المالية والبدنية والأهلية والفردية والجماعية ، " نفّس الله عنه " أي : كشف الله عنه وأزال " كربة من كرب يوم القيامة " ولا شك أن كرب يوم القيامة أعظم وأشد من كرب الدنيا ، فإذا نفّس عن المؤمن كربة من كرب الدنيا نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، " ومن يسّر على معسر " أي سهل عليه وأزال عسرته ، " يسر الله عليه في الدنيا والآخرة " وهنا سار الجزاء في الدنيا والآخرة ، وفي الكرب كربة من كرب يوم القيامة ؛ لأن كرب يوم القيامة عظيمة جدّا . " ومن ستر مسلما " أي : ستر عيبه سواء أكان خلقيا أو خُلقيا أو دينيا أو دنيويا إذا ستره وغطاه حتى لا يتبين للناس . " ستره الله في الدنيا والآخرة " أي : حجب عيوبه عن الناس في الدنيا والآخرة .
ثم قال صلى الله عليه وسلم كلمة جامعة مانعة ، قال :" والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " أي : أن الله تعالى يعين الإنسان على قدر معونته أخيه كمّا وكيفا وزمنا ، فما دام الإنسان في عون أخيه فالله في عونه ، وفي حديث آخر :" من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته " وقوله :" من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة " يعني : من دخل طريقا وصار فيه يلتمس العلم ، والمراد به العلم الشرعي ، سهل الله له به طريقا إلى الجنة ، لأن الإنسان إذا علم شريعة الله تيسر عليه سلوكها ، ومعلوم أن الطريق الموصل إلى الله هو شريعته ، فإذا تعلم الإنسان شريعة الله سهل الله له به طريقا إلى الجنة ، " وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله " والمراد به المسجد ، فإن بيوت الله هي المساجد ، قال الله تعالى : (( في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه )) [ النور : 36 ] ، وقال : (( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا )) [ الجن : 18 ] ، وقال : (( ومن أظلم ممّن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه )) [ البقرة : 114 ] ، فأضاف المساجد إليه ؛ لأنها موضع ذكره ، قوله :" يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم " يتلونه : أي يقرءونه ، ويتدارسونه : أي يدرس بعضهم على بعض ، " إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة " نزلت عليهم السكينة يعني : في قلوبهم ، وهي الطمأنينة والإستقرار ، وغشيتهم الرحمة : غطتهم وشملتهم ، وحفتهم الملائكة : صارت من حولهم ، " وذكرهم الله فيمن عنده " أي : من الملائكة ، " ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه " أي : من تأخر من أجل عمله السيء فإن نسبه لا يغنيه ، ولا يرفعه ، ولا يقدمه ، والنسب هو الإنتساب إلى القبيلة ونحو ذلك .
في هذا الحديث فوائد :
أولا : الترغيب في تنفيس الكرب عن المؤمنين ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ، نفّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة " .
ومن فوائده :
الإشارة إلى القيامة ، وأنها ذات كرب ، وقد بين ذلك الله تعالى في قوله : (( يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم * يوم ترونها تذهل كل مرضعة عمّا أرضعت وتضع كلّ ذات حمل حملها وترى النّاس سكارى وما هم بسكارى ولكنّ عذاب الله شديد )) [ الحج : 1ـ 2 ] .
ومن فوائد هذا الحديث :
تسمية ذلك اليوم بيوم القيامة ؛ لأنه يقوم فيه الناس من قبورهم لرب العالمين ، ويقام فيه العدل ويقوم الأشهاد .
ومن فوائد الحديث :
الترغيب في التيسير على المعسرين ، لقوله صلى الله عليه وسلم :" من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة " والتيسير على المعسر يكون بحسب عسرته ؛ فالمدين مثلا الذي ليس عنده مالا يوفي به يكون التيسير عليه إما بإنظاره ، وإما بإبرائه ، وإبراؤه أفضل من إنظاره ، والتيسير على من أصيب بنكبة أن يعان في هذه النكبة ، ويساعد وتهون عليه المصيبة ، ويوعد بالأجر والثواب وغير ذلك ، المهم أن التيسير يكون بحسب العسرة التي أصابت الإنسان .
ومن فوائد هذا الحديث :
الترغيب في ستر المسلم لقوله صلى الله عليه وسلم : " من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة " والمراد بالستر : هو إخفاء العيب ، ولكن الستر لا يكون محمودا إلا إذا كان فيه مصلحة ، ولم يتضمن مفسدة ، فمثلا المجرم إذا أجرم لا نستر عليه إذا كان معروفا بالشر والفساد ، ولكن الرجل الذي يكون مستقيما في ظاهره ثم فعل ما لا يحل فهنا قد يكون الستر مطلوبا ؛ فالستر ينظر فيه إلى المصلحة ، فالإنسان المعروف بالشر والفساد لا ينبغي ستره ، والإنسان المستقيم في ظاهره ولكن جرى منه ما جرى هذا هو الذي يسن ستره .
ومن فوائد هذا الحديث :
الحث على عون العبد المسلم وأن الله تعالى يعين المعين حسب إعانته لأخيه لقوله صلى الله عليه وسلم :" والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه " وهذه الكلمة يرويها بعض الناس : " ما دام العبد " ، ولكن الصواب :" ما كان العبد في عون أخيه " كما قاله صلى الله عليه وسلم .
ومن فوائد هذا الحديث :
الحث على طلب العلم لقوله صلى الله عليه وسلم :" من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة " وقد سبق في الشرح معنى الطريق وأنه قسمان حسي ومعنوي .
ومن فوائد هذا الحديث :
فضيلة اجتماع الناس على قراءة القرآن ، لقوله :" وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله .. " إلخ .
ومن فوائده :
أن حصول هذا الثواب لا يكون إلا إذا اجتمعوا في بيت الله ، أي : في مسجد من المساجد لينالوا بذلك شرف المكان لأن أفضل البقاع مساجدها .
ومن فوائد هذا الحديث :
بيان حصول هذا الأجر العظيم ، تنزل عليهم السكينة ، وهي الطمأنينة القلبية وتغشاهم الرحمة أي : تغطيهم ، وتحفهم الملائكة أي : تحيط بهم من كل جانب ، ويذكرهم الله فيمن عنده من الملائكة لأنهم يذكرون الله تعالى عند ملأ ، وقد قال الله تعالى في الحديث القدسي : ( من ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم ) .
ومن فوائد هذا الحديث :
أن النسب لا ينفع إذا لم يكن العمل الصالح ، لقوله :" من بطأ به عمله لم يسرع به نسبه " .
ومن فوائد هذا الحديث :
أنه ينبغي للإنسان أن لا يغتر بنفسه ، وأن يهتم بعمله الصالح حتى ينال به الدرجات العلى
صورة العضو الرمزية
mubark59
مشاركات: 2814
اشترك في: الأحد 2007.8.26 9:56 pm
مكان: بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

رد: الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس

مشاركة بواسطة mubark59 »

السلام للاحباب فى كل وطن وباب يسعدنى ان التقييكم كل اثنين وجمعة فى الحديث بعد صلاة الفجر من بيرمنجهام وحديث اليوم عن يسر الدين وحديث رسولنا محمد صل الله عليه وسلم المباشر للاعرابى الذى تبول بالمسجد .
وحديثنا اليوم الاثنين التاسع من شعبان 1437 هجرية الموافق 16 من مايو2016 م والشيخ عبدالجليل الباكستانى من مسجد الوم رووك بيرمنجهام فالى شرح الحديث :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإنما بعثتم ميسّرين ولم تبعثوا معسّرين
الثلاثاء 1 آذار (مارس) 2011 par الأستاذ محمد صلاح الدين المستاوي
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بال أعرابي في المسجد فقام الناس إليه ليقعوا فيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء، فإنما بعثتم ميسّرين ولم تبعثوا معسّرين". رواه البخاري هذا الحديث الشريف لرسول الله صلى الله عليه وسلم أورده الإمام النووي ضمن باب الحلم والأناة والرفق من كتابه المبارك (رياض الصالحين).
وراوي الحديث هو سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه المعروف بملازمته لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذ لا يكاد يخرج من المسجد إلا لقضاء حاجة. وهذه الحادثة عاشها ورآها سيدنا أبو هريرة تصور لنا مدى ما جُبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من خلق كريم مصداقا لقول الله تعالى (وانك لعلى خلق عظيم) وقوله جل من قائل (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم)، لقد كان عليه الصلاة والسلام مثالا للرحمة والحلم والصفح والعفو وكان المجسم لهذه القيم في حيز الواقع المعيش.
فهذا الأعرابي القادم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم في المسجد وليس هذا المسجد هو أي مسجد، انه مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثاني الحرمين وأول مسجد أسس على التقوى من أول يوم وهو المسجد الحرام والمسجد الأقصى والصلاة في المسجد النبوي بألف صلاة هي مساجد ضاعف الله فيها ثواب الصلاة، فجعل الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة والصلاة في المسجد الأقصى بخمسمائة صلاة.
وفي المسجد النبوي بال هذا الأعرابي وعلى مرأى ومسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه هؤلاء الأصحاب الذين لم يتقبلوا هذا الصنيع من هذا الأعرابي الداخل إلى المسجد -ويبدو انه حديث عهد بالإسلام- إذ لو كان ممن رسخ قدمهم في الإسلام وقوي إيمانهم وتعلم آداب الإسلام وأخلاقه وكيفية التعامل مع الأماكن المقدسة الطاهرة لما أقدم على هذا الصنيع. فالمساجد أماكن طاهرة حسية ومعنوية ولابد أن تصان من كل ما لا يليق بها ولذلك كان رد فعل الصحابة الذين حول رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أنهم قاموا قومة الرجل الواحد، تداعوا على هذا الأعرابي ليقعوا عليه سواء كان ذلك بالضرب أو التعنيف أو حتى إذا اقتضى الأمر قتله لا قدر الله. هنالك قال النبي صلى الله عليه وسلم: دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء (دلوا) أو ذنوبا من ماء، يا له من عفو وصفح وحلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان به في الطرف المقابل لتصرف أصحابه الذين غضبوا وكان غضبهم لله لا شك في ذللك.
ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ولا شك احرص منهم على دين الله وعلى بيت الله ومع ذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لم ير في صنيع هذا الأعرابي قصد الإساءة والانتهاك لحرمة بيت الله وإنما كان الدافع لصنيعه هو الجهل بما تقتضيه بيوت الله من صيانة وعناية وتجنيب لها لكل ما عساه أن ينجسها ويدنسها.
وليس تلك ولا شك نية وقصد هذا الأعرابي الحديث العهد بالإسلام والذي لم يتعلم بعد أصول التمدن والتحضر والرقي، انه حديث عهد بحياة البداوة والجهالة بما فيها من تدنّ في الذوق والأدب إن ذلك هو الذي دفعه إلى فعل ما فعل، فليس في نيته تدنيس المسجد ولذلك عذره رسول الله صلى الله عليه وسلم وهون عليه ووقف إلى جانبه في وجه أصحابه الذين تداعوا عليه من كل جانب ولولا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلام الذي وجههم إلى وجهة أخرى تناقض وجهتهم وما عزموا عليه من الوقوع على هذا الأعرابي لولا ذلك التصرف الحليم الرحيم من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان مصير الأعرابي الهلاك.
لقد لقن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه درسا في الحلم والأناة والرحمة والرفق واللين وعلّم من ورائهم أمته جمعاء بأن تتحلى دائما بالرفق وان لا تكون عجولة، لقد قال عليه الصلاة والسلام (إن الرفق ما كان في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه). فالرفق يصلح كثيرا من الفساد. لقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه وكل الأمة أن الدفع بالتي هي أحسن هو نهج الإسلام وسبيله في تغيير كل منكر، وأن هذا الدفع بالتي هي أحسن لا تكون عاقبته إلا حسنة للجميع، يقول جل من قائل (ادفع بالتي هي أحسن، فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).
* وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الأعرابي وكل من يرتكب خطا من هذا القبيل أن المساجد بصفة خاصة وكذلك غيرها من المنازل والمجالس والطرقات والمحلات العامة والمرافق التي يستفيد منها الجميع كالظل أو الماء (ماء البحر أو الأودية) كل تلك لا يليق ولا يجوز أن تنجس بالبول وغيره.
* فالإسلام دين النظافة الفعلية العملية الحسية المادية فضلا عن انه دين النظافة المعنوية النفسية الروحية، بل عن النظافة المعنوية النفسية الروحية ترتكز في الإسلام على النظافة الحسية في الملبس وموضع العبادة (الصلاة) وكذلك نظافة ما به تتحقق الطهارة اعني به الماء الذي هو طاهر ومطهر. والذي هو اصل الحياة يقول جل من قائل (وجعلنا من الماء كل شيء حيّ) وهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المجال مثل غيره من المجالات الأخرى لا يمكن الإتيان عليه ولا حصره وهو مفصل في كتب السنة النبوية الطاهرة.
* إن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الواقعة وفي غيرها يجسم عمليا أمر ربه سبحانه وتعالى في كتابه العزيز القائل: (ولو كنت فضّا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر). وهو عليه الصلاة والسلام بهذا الصنيع قد احتل قلب هذا الأعرابي السويداء ولذلك تذكر بعض الروايات أن هذا الأعرابي لم يتمالك عن الدعاء (اللهم ارحمني وارحم محمدا ولا ترحم معنا أحدا).
* فالأنفس البشرية مجبولة على حب من يعفو عنها ولا يشهر بها ولا يقتص منها وكان ذلك هو حال رسول الله صلى الله عليه وسلم دائما يوم الطائف حيث لم يزد عن أن قال (اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون) ويوم فتح مكة عندما قال لقريش (لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فانتم الطلقاء).
* ما أعظمه وما أحلمه وما ارحمه من رسول كريم صلى الله عليه وسلم انه بحق (رحمة للعالمين) وهو بحق (بالمؤمنين رؤوف رحيم).
* وختم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله (فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)، صلى الله عليك يا رسول الله.
* فما أحوج أمتك إلى هديك، ففيه الرشاد وفيه الفلاح وفيه الصلاح وفيه إصلاح ذات البين، ما أحوج كل الأمة لاسيما أولئك المعسرين المشددين إلى أن يكرعوا من معين هديك العذب فينفوا عن الإسلام كل ما تلصقه به تصرفات البعض من الأفراد والجماعات من غلظة وشدة هو منها وأيم الله لبراء
صورة العضو الرمزية
mubark59
مشاركات: 2814
اشترك في: الأحد 2007.8.26 9:56 pm
مكان: بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

رد: الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس

مشاركة بواسطة mubark59 »

اليوم الاثنين 16 شعبان 1437 هجرية ومن بيرمنجهام مسجد الوم رووك والشيخ الباكستانى الجليل عبدالجليل وحديث اليوم الحكمة ضاله المؤمن متى ما وجدها فهو احق بها .
اشير الى ان الحديث ضعييف جدا ولكن هناك شرح للدكتور محمد راتب النابلسى رايت ان انقله لكم من باب معرفه معنى الحكمة من الكتاب والسنه ومن باب زياده العلم ، والله اعلم .
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.
الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها:
أيها الأخوة الكرام, الخلق اليوم الحكمة، وما من عطاء إلهي على الإطلاق يوفق أن يؤتيك الله الحكمة، فأنت بالحكمة تسعد بزوجة من الدرجة العاشرة، ومن دون حكمة تشقى بزوجة من الدرجة الأولى، بالحكمة تحسن كسب المال وإنفاقه، ومن دون حكمة تكسبه حراماً ، وتتلفه في غير وجوهه، بالحكمة تحول الأعداء إلى أصدقاء، ومن دون حكمة تحول الأصدقاء إلى أعداء.
غير المؤمن لا يمكن أن يكون حكيما
وترون أيها الأخوة: أن جهات في الأرض في أعلى درجة من الذكاء، وفي أعلى درجة من الغنى، وفي أعلى درجة من القدرات، ومع ذلك ترتكب حماقات ما بعدها حماقات، لأنها فقدت الحكمة، الحكمة خاصة بالمؤمن، ولا يمكن لغير المؤمن أن يكون حكيماً، لأن الحكمة تؤتى ولا تؤخذ، ومن يؤت الحكمة لا يمكن أن تكتسب إلا عن طريق الدين، لكن قبل كل شيء الله جل جلاله هو الحكيم، فمن لوازم مقام الألوهية: ثبوت الغايات المحمودة، ووضع الأشياء في مواضعها، وإيقاعها على أحسن الوجوه.
قال بعض العلماء: الحكمة الفهم عن الله، الحكمة الإصابة في القول, الحكمة ما يشهد العقل بصحته, الحكمة نور يفرق به بين الإلهام والوسواس، الحكمة سرعة الجور بالصواب.
وقال بعضهم: الحكمة العلم المشتمل على المعرفة بالله مع نفاذ البصيرة، وتهذيب النفس، وتحقيق الحق للعمل به، والكف عن ضده، والحكيم من حاز ذلك.
تعريف الحكمة:
الحكمة في القرآن الكريم الموعظة، قال تعالى:
﴿حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ﴾
[سورة القمر الآية: 5]
والحكمة هي السنة, قال تعالى:
﴿وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ﴾
[سورة البقرة الآية: 151 ]
الحكمة أن تضع الشيء في موضعه تماما
الكتاب القرآن الكريم، والحكمة السنة، والحكمة هي الفهم، قال تعالى:
﴿وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ﴾
[سورة لقمان الآية: 12]
والحكمة هي النبوة، قال تعالى:
﴿وَآَتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ﴾
[سورة ص الآية: 20]
والحكمة علوم القرآن، قال تعالى:
﴿وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً﴾
[سورة البقرة الآية: 269]
تعريفات دقيقة جداً للحكمة، لكن بشكل أو بآخر: الحكمة: أن تضع الشيء في موضعه، أن تقول الكلمة المناسبة في الوقت المناسب، في القدر المناسب، مع الرجل المناسب.
الحكمة القرآن الكريم، والحكمة النبوة، والحكمة هي الفقه والعلم، والحكمة هي الإصابة، والحكمة هي الخشية، والحكمة هي العقل.
معنى الحكمة:
أيها الأخوة الكرام, الحكمة وردت في آيات كثيرة في مئة وعشر آيات، الحكمة وردت مقترنة بالعلم، قال تعالى:
﴿قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾
[سورة البقرة الآية: 32]
اقترنت الحكمة مع العلم
وردت الحكمة مقترنة بالعلم في آيات كثيرة، والحكمة وردت مقترنة بالعزة، قال تعالى:
﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾
[سورة البقرة الآية: 129]
وردت الحكمة مع العلم، ووردت مع العز، ووردت الحكمة –أيضاً- مع الخبرة، قال تعالى:
﴿وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ﴾
[سورة الأنعام الآية: 18]
ووردت مع العلو، قال تعالى:
﴿إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ﴾
[سورة الشورى الآية: 51]
ووردت مع التوبة، قال تعالى:
﴿إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ﴾
[سورة الحجرات الآية: 12]
كل بند في عدة آيات, ووردت مقترنة بالحمد، قال تعالى:
﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾
[سورة فصلت الآية: 42]
وردت مقترنة بالسعة، قال تعالى:
﴿وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً﴾
[سورة النساء الآية: 130]
والحكمة من صفات القرآن الكريم، قال تعالى:
﴿وَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآَيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ﴾
[سورة آل عمران الآية: 57-58]
الحكمة من صفات القرآن الكريم
والحكمة بمعنى البيان؛ بيان الشرائع والسنة، قال تعالى:
﴿وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾
[سورة آل عمران الآية: 164]
والحكمة بمعنى النبوة:
﴿فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ﴾
[سورة البقرة الآية: 251]
والحكمة بمعنى الفقه، قال تعالى:
﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ﴾
[سورة البقرة الآية: 269]
بمعنى المواعظ، قال تعالى:
﴿وَآَتَيْنَاهُمْ مُلْكاً عَظِيماً﴾
صورة العضو الرمزية
mubark59
مشاركات: 2814
اشترك في: الأحد 2007.8.26 9:56 pm
مكان: بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

رد: الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس

مشاركة بواسطة mubark59 »

7 mins
بسم الله والحمد لله ونصلى على اشرف خلق الله محمد بن عبدالله صل الله عليه وسلم ، اليوم الجمعة 12 رمضان 1437 هجرية الموافق 17 يونيو 2016 ، رايت ان اطل علييكم مع الحديث اليومى وبما ان الجمعة هذه الخطبة ما على ربما كان الحديث مثل الخطبة بل قطع شك سوف استفيد منه ان شاء الله فى خطبة الجمعة القادمه إذا مد الله فى الآجال .
الحديث هو مجموعة احاديث عن عتقاء رمضان ومن العدد الكبير يعشم المسلم المجتهد ان يكون مشمولاً بهذا العدد على سبيل احد اقوى الاحاديث فى الليلة عدد العتقاء 600 الف وفى نهاية الشهر 30 ضرب 600 الف وهى 18 مليون ، آها يا مسلمين لو زوول وجد نفس خارج ال36 مليون فى متوسط عمر امتى 60 الى 70 يعنى ولو حسبنا لكل مسلم صيام 30 شهر من رمضان إن شاء الله تصبح مليار و80 مليون عتييق ، نسال الله ان نكون منهم بدعوة مقبوله او صدقه جارية او سجده فى جوف الليل او إطعام صائم ، فاتمنى ان يقف كل مسلم على هذه الرحمة وهذا الامل الواسع والفضاء الذى يدخلك الجنة فى رمضان بقلييل من التركيز ، فلا نضييع هذه الفرص ان شاء الله . وقد كتب مسدار يتناسب مع الحدث وقلت :
ما تقول الليلة يوم من صيامنا واليوم قضى
شوف عمرنا كم من سنيين ........ قد إبتدأ
زيد العمر بى ركعتيين بى سجدين يوم الفدأ
وأحمد كتيير بابا الكرييم فى فطوورك والغدا
والآن دعونا الى الحديث وشرحه والذى اسال الله ان يشرح صدوركم به :
ثَبَت في الحديث عن نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - قوله: ((إنَّ لله عتقاءَ في كلِّ يوم وليلة، لكلِّ عبد منهم دعوةٌ مستجابة))، أي: في رمضان، وهو حديث صحيح، رواه الإمام أحمد في مسنده (7450)، عن أبي هريرة أو أبي سعيد - رضي الله عنهما - شكَّ الراوي، والشكُّ في اسم الصحابي لا يضُر، وسنده صحيح على شرط الشيخين.
وورد بلفظ: ((لله عتقاء من النار، وذلك كلَّ ليلة))؛ الجُملة الأخيرة من حديثٍ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في فضائل خاصة بشهر رمضان؛ رواه الترمذي: (682)، وابن ماجه: (1642)، وصحَّحه ابن خُزَيْمة: (1883)، وابن حِبَّان: (3435)، والحاكم: (1/ 421)، وله شواهد:
1- عن أبي أمامة مرفوعًا: ((إن لله - عز وجل - عند كل فطر عتقاء))، رواه أحمد في المسند: (22202)، والبيهقيُّ في "شُعَب الإيمان": (3605)، وقال الإمام المُنذري في "الترغيب والترهيب": "بإسنادٍ لا بأس به".
2- وعن جابر بن عبد الله مرفوعًا: ((إن لله عند كل فطرٍ عتقاءَ، وذلك في كل ليلة))؛ رواه ابن ماجه: (1643)، وقال الحافظ البُوصيري: "رجال إسناده ثقات".
3- وعن أبي سعيد الخُدْري مرفوعًا: ((إن لله - تبارك وتعالى - عتقاء في كل يوم وليلة - يعني: في رمضان – وإن لكل مسلم في كل يوم دعوةً مستجابة))، أخرجه البزار: (962) من "كشف الأستار"، وفي سنده أبان بن أبي عيَّاش وهو ضعيف، وليُنظر: "مجمع الزوائد": (3/ 143)، و(10/ 149).
4- وعن ابن مسعود مرفوعًا: ((لله - تعالى - عند كل فطر من شهر رمضان كلَّ ليلة - عتقاءُ من النار ستون ألفًا، فإذا كان يومُ الفطر أَعتَقَ مثل ما أعتق في جميع الشهر ثلاثين مرة ستين ألفًا))؛ رواه البيهقيُّ في "شُعَب الإيمان": (3606)، وقال المُنذري: "وهو حديث حسن لا بأس به في المتابعات".
فهذه أحاديثُ أربعةِ صحابةٍ تُضاف إلى حديث أبي هريرة - رضي الله عنهم جميعًا.
ما تفيده هذه الأحاديث للصائمين:
هذه الأحاديث تفيد حقيقتين مهمتين جدًّا للصائمين في رمضان:
الأولى: كَثْرة العتقاء من النار في أيام الصوم في رمضان بمغفرة ذنوبهم، وقَبول عبادتِهم، وحفظهم من المعاصي التي هي أسباب العذاب، وهذا الوعد بهذا الكسب العظيم يَشْحَذُ هِمَمَ الصائمين للتسابق إلى إحسان عبادتهم، وإخلاص صيامهم، وعِمارة أوقاتهم بما يزيد قُرْبَهم من ربهم، عسى أن يفوزوا بكَرَمه بالعتق من النار.
الثانية: أن لكل عتيق دعوةً مستجابة، وهذا يُحمِّس الصائمين للإكثار من الدعاء وسؤال ربهم إجابةَ دعَوَاتهم، وتلبية حوائجهم، وتفريج كُرَبهم، وتحقيق أمنيَّاتهم، عسى إنْ كانوا من العتقاء أنْ تُستجاب دعواتُهم؛ فليتحرَّ الصائمون إخلاصَ الدعاء، خاصة عند الإفطار.
اللهم اجعلنا من عتقاء شهْرِك العظيم – رمضان - وأجب دعاءنا عند كل فطر يا ربنا، أنت أكرم
صورة العضو الرمزية
mubark59
مشاركات: 2814
اشترك في: الأحد 2007.8.26 9:56 pm
مكان: بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

رد: الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس

مشاركة بواسطة mubark59 »

سلام كل الاحباب وعيدكم مبارك ، لإن تأخرت حرووف التهانى وسطورة ولكن لكم فى القلب الف مكانة رغم المشغوليات فقد كانت اجازتى للعيد يوم واحد فقط قلعتها بالشديد القوى لان الاربعاء ليس عطلتى العملية ، نسال الله ان يجعل ايامكم اعيادا ويجعلكم من عتقاء شهر رمضان وان يكون الله قد قبل صلاتكم وصيامكم وقيامكم ، وان تكون قلوبكم ثابته على الايمان لا تتقلب الا للخير ولمزيدا من الطاعات .
اتوصل معكم فى الدرس اليومى بعد صلاة الفجر من بيرمنجهام والحمد لله فى رمضان كله كنت حاضرا فى الفجر لم اغب ولا يوم واحد ولكن لم اتابع الحديث كثيرا وحتى لو تابعت لا اجد وقتا للكتابة فمعذره .
حديثنا اليو الجمعة الثالث من شوال 1437 هجرية الموافق 8 يوليو هو ان القلوب بين اصبعى الرحمن يقلبها كيف يشاء .
كان - صلى الله عليه وسلم - يقول: اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك؛ فقال لعائشة: إن القلوب بين أصبعي الرحمن ، نريد تكملة لهذا الحديث، وما المناسبة لهذا الحديث؟
تكملة الحديث ( القلوب بين أصبعي الرحمن
الحديث واضح، يقول - صلى الله عليه وسلم -: (إن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء)، فالمعنى أن الله جل وعلا هو الذي بيده تثبيت الأمور، فالمؤمن يسأل ربه الثبات على الإيمان والثبات على الحق، فالقلوب تتقلب وهي بين أصبعين من أصابع الرحمن هذه يجرى على الله، يثبت لله أصابع على الوجه اللائق بالله، وأن الله جل وعلا بيده تصريف الأمور وتقليب القلوب كيف يشاء، هذا يقلب فيرتد عن دينه، وهذا يقلب فيسلم، وهذا يقلب قلبه فيقع المعاصي، فالقلوب بيد الله جل وعلا هو الذي يصرفها كيف يشاء - سبحانه وتعالى -، والمؤمن يسأل ربه: اللهم ثبت قلبي على دينك، اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، اللهم يا مصرف القلوب صرف قلبي على طاعتك، يسأل ربه الثبات، والله جل وعلا يوصف بأنه له أصابع وله يد جل وعلا على الوجه اللائق به - سبحانه وتعالى -، لا يشابه عباده لا في اليد ولا في الأصابع ولا في الكلام ولا في الرضا ولا في الغضب ولا في غير ذلك، كما قال - سبحانه وتعالى -: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير)، وقال تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها).
صورة العضو الرمزية
mubark59
مشاركات: 2814
اشترك في: الأحد 2007.8.26 9:56 pm
مكان: بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

رد: الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس

مشاركة بواسطة mubark59 »

الدرس اليومى من بيرمنجهام بعد صلاة الفجر والشيخ عبدالجليل اليوم الثلاثاء 7 شوال 1437 هجرية الموافق 12 يوليو 2016م والدرس عن الحديث كان حفت الجنة بالمكارة وحفت النار بالشهوات
معنى حديث: حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ
الأربعاء 12 رمضان 1435 - 9-7-2014
رقم الفتوى: 260407
التصنيف: أحاديث نبوية مع شرحها
السؤال
أسمع أن الجنة حفت بالمكاره وأن النار حفت بالشهوات، فهل معنى ذلك أن من أراد دخول الجنة فإنه لن يجد طعم الراحة في الدنيا ولن ينعم في الدنيا وسيعيش في شقاء وأنه سيفعل ما يكره، إن أراد أن يدخل الجنة، وأن من أراد دخول النار فإنه سوف يجد طعم الراحة في الدنيا وسينعم في الدنيا وسيعيش في سعادة، لأنه يفعل ما تشتهيه نفسه؟. أرجو التوضيح؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث مخرج في الصحيحين، ومعناه أن من أراد دخول الجنة فعليه أن يفعل ما تكرهه نفسه من الطاعات وتحمل مشاق العبادات، وأما النار فطريق دخولها هو فعل ما تشتهيه النفس من المحرمات والمعاصي، وقد أوضح الإمام النووي ـ رحمه الله ـ معنى الحديث أتم إيضاح، فقال في شرحه على صحيح مسلم: قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ بِالشَّهَوَاتِ ـ هَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ: حفت ـ ووقع في البخاري: حفت ـ ووقع فيه أَيْضًا: حُجِبَتْ ـ وَكِلَاهُمَا صَحِيحٌ، قَالَ الْعُلَمَاءُ: هَذَا مِنْ بَدِيعِ الْكَلَامِ وَفَصِيحِهِ وَجَوَامِعِهِ الَّتِي أُوتِيَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ التَّمْثِيلِ الْحَسَنِ، ومعناه لا يوصل الْجَنَّةَ إِلَّا بِارْتِكَابِ الْمَكَارِهِ وَالنَّارَ بِالشَّهَوَاتِ، وَكَذَلِكَ هُمَا مَحْجُوبَتَانِ بِهِمَا، فَمَنْ هَتَكَ الْحِجَابَ وَصَلَ إِلَى الْمَحْجُوبِ، فَهَتْكُ حِجَابِ الْجَنَّةِ بِاقْتِحَامِ الْمَكَارِهِ، وَهَتْكُ حِجَابِ النَّارِ بِارْتِكَابِ الشَّهَوَاتِ، فَأَمَّا الْمَكَارِهُ فَيَدْخُلُ فِيهَا الِاجْتِهَادُ فِي الْعِبَادَاتِ وَالْمُوَاظَبَةُ عَلَيْهَا وَالصَّبْرُ عَلَى مَشَاقِّهَا وَكَظْمُ الْغَيْظِ وَالْعَفْوُ وَالْحِلْمُ وَالصَّدَقَةُ وَالْإِحْسَانُ إِلَى الْمُسِيءِ وَالصَّبْرُ عَنِ الشَّهَوَاتِ وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَأَمَّا الشَّهَوَاتُ الَّتِي النَّارُ مَحْفُوفَةٌ بِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا الشَّهَوَاتُ الْمُحَرَّمَةُ كَالْخَمْرِ وَالزِّنَا وَالنَّظَرِ إِلَى الْأَجْنَبِيَّةِ وَالْغِيبَةِ وَاسْتِعْمَالِ الْمَلَاهِي وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الشَّهَوَاتُ الْمُبَاحَةُ: فَلَا تَدْخُلُ فِي هَذِهِ لَكِنْ يُكْرَهُ الْإِكْثَارُ مِنْهَا مَخَافَةَ أَنْ يَجُرَّ إِلَى الْمُحَرَّمَةِ أَوْ يُقَسِّي الْقَلْبَ أَوْ يَشْغَلَ عَنِ الطَّاعَاتِ أَوْ يُحْوَجَ إِلَى الِاعْتِنَاءِ بتحصيل الدنيا. انتهى.
وبدوام المجاهدة يصير المكروه للشخص من الطاعة محبوبا، فيؤدي الحق سماحة لا كظما، وطواعية لا كرها، ولكن هذه المنزلة لا يوصل إليها إلا بمصابرة النفس ومجاهدتها، كما أوضحناه في الفتوى رقم: 139680.
صورة العضو الرمزية
mubark59
مشاركات: 2814
اشترك في: الأحد 2007.8.26 9:56 pm
مكان: بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

رد: الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس

مشاركة بواسطة mubark59 »

نتواصل معكم اليوم الجمعة 2 ذو القعدة 1437 هجرية الموافق 5 اغسطس مع الحديث اليومى من بيرمنجهام ، فأعذرونى اليوم تاخرت عن كتابه الحديث صباحا وهانذا اكتبه مساءا ، فالحديث كان عن الصلاة اهم ركن من اركان الاسلام ، بل كان عن تارك الصلاة وحكمه فالحديث وشرحه طويل فاصبروا وصابروا حتى نتابعه جيداً لتعم الفائدة فإلى الحديث وشرحه :
مع الحديث الشريف
" العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر "
( رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم ) 1
بقلم الدكتور عدنان علي رضا النحوي
ما حكم تارك الصلاة ؟ !
هل هو كافر ؟ ! هل هناك عذر في الإسلام لتارك الصلاة ؟ ! هل تسقط الصلاة عن المريض مهما اشتـد مرضه ؟ ! هل تسقط عن الخائف مهما اشتد خوفه ؟ ! هل تسقط عن المقاتل ؟ !
هل في الإسلام بعد الشهادتين شعيرة أهم من الصلاة ؟ ! هل حدث أن أذن الرسول صلى الله عليه وسلم لأحد بترك الصلاة ؟ ! كلا ! لم يحدث هذا أبداً ، ولا كان في الإسلام شعيرة أهم من الصلاة .
فقـد يُعفَى المريـض من الصيـام ، والمسافـر كذلك يرخص له بالفطر والقضاء . والحج هو لمن استطاع إليه سبيلاً ، والزكاة تفرض على الأغنياء لتعطى إلى الفقراء والمساكين ، ولتنفق في أبوابها المشروعة .
كل الشعائر قد يعذر المسلم في حالة من حالاته فتسقط عنه أو يرخص له بتركها مع القضاء أو بغير قضاء ! إلا الصلاة ، فإنها لا تسقط عن المسلم أبداً في
أي حالة من حالاته ، وأكثر ما هنالك أنه يرخص في قصرها للمسافر .
فما حكم تارك الصلاة ؟
لقد جاءت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فاصلة حاسمة . ولكن الفقهاء اختلفوا بعد ذلك كما سنبين بعد قليل . وواقع المسلمين اليوم واقع مظلم في هوان وذلة وشتات . فنرى أن يُرَدَّ ذلك كله إلى الكتاب والسنة لنصل إلى تصور أقرب للتقوى بإذن الله . ومن أجل ذلك نرى أنه لا بد من دراسة الخطوات التالية :
1ـ ماهي منزلة الصـلاة في الإسلام وما أثرها في حياة المسلم والأمة
كلها ؟ !
2ـ جمع بعض ما ورد في الكتاب والسنة عن تارك الصلاة .
3ـ دراسة آراء الفقهاء وردها إلى الكتاب والسنة .
4ـ دراسة واقع المسلمين اليوم وواقع تاركي الصلاة ورد ذلك إلى منهاج الله .
1ـ منزلة الصلاة في الإسلام وأثرها في حياة المسلم والأمة :
للصلاة منزلة عظيمة جداً في دين الله ، لا تكاد تعدلها منزلة أي شعيرة أخرى . فقد فرض الله الصلاة على جميع المؤمنين أصحاب الرسل كلهم ، حتى أصبحت جزءا لا يتجزأ من الإيمان والإسلام والدين ، ومن العبادة كلها :
( وما أمروا إلا ليعبـدوا الله مخلصـين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ) [ البينة : 5 ]
( وجعلني مباركا أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا ) [ مريم : 31 ]
(وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين ) [ يونس : 87 ]
وترتبط الصلاة بالإيمان بالغيب والإنفاق :
( الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون ) [ البقرة : 3 ]
وترتبط بالصبر والخشوع وبسائر الشعائر :
( واستعينوا بالصبر والصلاة وإِنها لكبيرة إلاَّ على الخاشعين ) [ البقرة : 45]
( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين ) [ البقرة : 43]
وإنها صفة ملازمة للمؤمنين :
( قد أفلح المؤمنون . الذين هم في صلاتهم خاشعون ) [ المؤمنون : 1،2 ]
( والذين هم على صلواتهم يحافظون ) [ المؤمنون : 9]
( كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون . وبالأسحار هم يستغفرون ) [ الذاريات : 17، 18 ]
( وهذا كتاب أنزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه ولتنذر أم القرى ومن حولها والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به وهم على صلاتهم يحافظون ) [ الأنعام : 92 ]
( الذين هم على صلاتهم دائمون ) [ المعارج : 23 ]
( والذين هم على صلاتهم يُحافظون ) [ المعارج : 34 ]
وللصلاة أثر كبير في حياة الإنسان . فبالإضافة لما ذكر أعلاه فإنها تنهى عن الفحشاء والمنكر :
( اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون ) [ العنكبوت : 45 ]
والصلاة شعيرة رئيسة للعبادة يقوم بها الإنسان المؤمن والطير ومخلوقات كثيرة ، وكل ما في السموات والأرض يسبح بحمده :
( ألم تر أن الله يُسبح له من في السموات والأرض والطير صافاتٍ كُل قد علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون ) [ النور : 41 ]
وكانت محور دعاء إبراهيم عليه السلام :
( ربّ اجعلني مُقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء ) [ إبراهيم : 40 ]
ولهذه الخصائص العظيمة كانت الصلاة فرضاً على المسلم فرضه الله سبحانه وتعالى وأمراً من عنده :
( قُل لعبادي الذي آمنوا يقيموا الصلاة وينفقوا مما رزقناهم سراً وعلانية من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال ) [ إبراهيم : 31 ]
وكذلك :
( فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً وعلى جُنُوبِكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتاباً مَوْقُوتاُ ) [ النساء : 103 ]
( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين ) [ البقرة : 43 ]
( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ) [ البقرة : 238 ]
ويتوالى الأمر بالصلاة والإلحاح بها إلحاحاً شديداً بأساليب متعددة ، حتى لا يبقى عذر لمن يريد أن يتفلت منها :
( وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} ) [ الأعراف : 170 ]
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوماً قريباً منه ونحن نسير ، فقلت : يا رسول الله ! أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار ، قال : " لقد سألت عن عظيم ، وإنه ليسير على من يسره الله عليه ، تعبد الله ولا تشرك به شيئاً ، وتقيم الصلاة ، وتؤدي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت " . ثم قال : " ألا أدلك على أبواب الخير : الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، وصلاة الرجل في جوف الليل " . قال : ثم تلا : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم ) [ السجدة : 16 ]
حتى بلغ ( يعملون ). ثم قال : ألا أخبرك برأس الأمر كله وعمـوده وذروة سنامه ؟ ! " قلت : بلى ! يا رسول الله ! قال : رأس الأمر الإسلام ، وعمـوده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد " . ثم قال : ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ " قلت : بلى ! يا نبي الله ! فأخذ بلسانه قال : " كف عليك هذا " ، فقلت : يا نبي الله ! وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال : ثكلتك أمك يا معاذ ! وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم " (2) .
فالصلاة هنـا في هذا الحديث الشريف : " عمود الأمر " ، أيّ عمود الإسلام ! وكان أول ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل أن يعبد الله ولا يشرك به شيئاً ، ثم تلا ذلك مباشرة : " وتقيم الصلاة " !
ثم جاءت التوصية على صلاة الرجل في جوف الليل ، ثم تلا الآيات من سورة السجدة . ونذكر هنا الآيات من هذه السورة :
( إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خَرُّوا سُجداً وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون . تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون . فلا تعلم نفس ما أُخفي لهم من قُرَّة أعين جزاء بما كانوا يَعملون) [ السجدة : 15- 17 ]
ومن هذا العرض السريع الموجز ندرك أهمية فريضة الصلاة حتى كانت أهم ركن بعد الشهادتين في الإسلام ، الإسلام الذي بني على أركانه الخمسة :
فعن ابن عمر رضي الله عنه عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال :
( بني الإسـلام على خمس : " شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، و إقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان ) . [ أخرجه : أحمد والشيخان والترمذي والنسائي ] (3)
وقد جاءت كلمة الصلاة ومشتقاتها في تسع وتسعين آية ، في أربعين سورة تقريباً من القرآن الكريم .
2ـ جمع النصوص المتعلقة بتارك الصلاة والمتخلف عنها :
لذلك نجد من خلال الآيات الكريمة أن التخلف عن الصلاة ليس من صفات المؤمنين ، وإنما هو من صفات الذين يتبعون الشهوات فيضيعون الصلاة :
( فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّاً) [ مريم : 59 ]
ويوم القيامة يكون مصير تاركي الصلاة مصيراً مؤلماً خطيراً :
( كل نفس بما كسبت رهينة . إلا أصحاب اليمين . في جنات يتساءلون . عن المجرمين . ما سلككم في سقر . قالوا لم نك من المصلين ) [ المدثر : 38-43 ]
وأما المنافقون فإنهم يقومون إلى الصلاة وهم كسالى :
( إن المنافقين يُخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كُسالى يُراءون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلاً ) [ النساء : 142 ]
إذا كان القيام للصلاة بكسل هو صفة المنافقين ، فما هو حال من يترك الصلاة كلية مدعياً أنه تركها كسلاً ؟ !
وتتوالى أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين كذلك منزلة الصلاة العظيمة في الإسلام ، ودورها في تغذية الإيمان وطهارة الإنسان ، وحمايته من الفواحش والفتن . وحسبنا هنا أن نقدم قبسات من الأحاديث الشريفة ، بالإضافة إلى ما سبق من الآيات الكريمة ، وعلى المسلم أن يعود إلى منهاج الله ليتدبر آيات وأحاديث أكثر :
عن أبي المليح قال : كنا مع بريدة رضي الله عنه في غزوة في يوم ذي غيم فقال : بكروا بصلاة العصر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من ترك العصر فقد حبط عمله " [ أخرجه البخاري والنسائي ]
وعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من فاتته العصر فكأنما وتر أهله وماله " [ رواه الشيخان وأبو داود والترمذي ]
هذا حال من فاتته صلاة العصر ولم يتعمد تركها ، فكيف يكون حال من يترك الصلاة كلها لا يرجعه إليها نصح ولا تذكير ؟ !
وعن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : قال الله عز وجل : إني افترضت على أمتك خمس صلوات وعهدت عندي عهداً أنه من جاء يحافظ عليهن لوقتهن أدخلته الجنة ، ومن لم يحافظ عليهن فلا عهد له عندي " . [ رواه أبو داود ]
وعن أبي هريرة رضي الله عنـه عن النبي صلى الله عليه وسلم قـال : " أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى عليه من درنه شيء ؟ ! " قالوا : لا يبقى من درنه شيء . قال : فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا " . [ رواه الشيخان والترمذي والنسائي ]
ولا بد أن نذكر أن هذه الأحاديث الشريفة لا تعني أنها تدعو المسلم إلى الصلاة وإلى ترك ما عداها من التكاليف الربانيّة . إنها تعني أنه من يحافظ على هذه الصلوات بشروطها وضوءاً وطهارة وأحكاماً وخشوعاً ، فإن الله يهدي قلبه ليمتنع عن الفواحش ، وليقبل على سائر التكاليف ، وسائر الشعائر ، وتلاوة القرآن وتدبره ودراسته ، وليقبل على الدعوة إلى الله ورسوله ، وإلى سائر الأهداف الربانية الثابتة .
ولم يكن التحذير من القيام إلى الصلاة بكسل فحسب ، ولا من تخلف عن صلاة العصر أو العشاء أو الفجر ، وإنما كان التحذير الشديد لمن تخلف عن صلاة الجماعة :
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد ناساً في بعض الصلوات ، فقال : " لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس ثم أخالف إلى رجال يتخلفـون عنها ، فآمر بهم فيحرقوا عليهم بحزم الحطب بيوتهم ، ولو علم أحدهم أنه يجد عظماً سميناً لشهدها " . [ رواه الخمسة ]
وفي رواية أخرى :
" إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً . ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلاً فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار " .
وعن الذين يتخلفون عن صلاة الجمعة :
فعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لقد هممت أن آمر رجلاً يصلي بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم ) [ رواه أحمد ومسلم ]
إذا كان هذا هو حال من يتخلف عن صلاة واحدة أو أكثر ، كالعشائين أو العصر أو الجمعة ، فكيف يكون حال تارك الصلاة كلها ، يدعي كل يوم أعذاراً من كسل ، أو أن الصلاة بينه وبين ربه فلا يتدخل بشأنها أحد ، أو أنه تكفيه الشهادتان ولا حاجة به إلى الصلاة ، وأعذار واهية أخرى .
فلننظر في النصوص المتعلقة مباشرة بتارك الصلاة .
3ـ النصوص المتعلقة مباشرة بتارك الصلاة ورأي بعض العلماء فيها :
عن بريـدة الأسلمي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر " . [ رواه أحمد والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم ] (4)
نص الحديث واضح جلي . ومعناه واضح جلي ، وحكم تارك الصلاة فيه حاسم فصل . فما هي الحاجة إلى تأويل الحديث الشريف تأويلاً يغري ضعفاء النفوس بترك الصلاة . وهنالك أحاديث أخرى وآثار أخرى كذلك :
فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة " . [ رواه الخمسة إلا البخاري ] (5)
وفي رواية الترمذي : " بين الكفر والإيمان ترك الصلاة " (6)
وقال عبد الله بن شقيق : " كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة " . [ رواه الترمذي ] (7)
ومع وضوح هذه النصوص وتواتر رواية بعضها وصحتها كلها ، ومع ذلك فقد اختلف بعض أئمة الإسلام في تأويل هذه الأحاديث وتطبيق حكمها . فقال بعضهم : ذلك الحكم للمستحل للترك . وحملها آخرون بأن معنى الكفر المقصود أن تارك الصلاة فعل فعل الكافرين ، وأنه عمل عملاً يؤول به إلى الكفر .
ولكن لو رجعنا لأقوال الأئمة وتحرينا معناها لوجدنا أن جميعهم يحكمون بتكفير تارك الصلاة إذا أنكر وجوبها أو إذا استحل تركها ، وأن تارك الصلاة يستتاب مدة محددة فإن تاب وصلى تُرك ، وإن أصر بعد الاستتابة قتل حداً كالزاني المحصن ، إلا أنه يقتل بالسيف . إذن الخلاف بين الفقهاء محصور حول الفترة التي يستتاب بها ، أهو فاسق أم كافر ، هي فترة قصيرة وسواء أكان كافراً أم فاسقاً ، فلابد من الفصل والحسم ، فإما أن يتوب ويعود إلى الصلاة وإما أن يقتل حداً .
الإمام أحمد بن حنبل وابن المبارك وإسحق وبعض أصحاب الشافعي ، كلهم يرون أنه كافر
لظاهر النصوص ووضوحها .
ومالك والشافعي وبعض أصحاب الشافعي يرون أنه لا يكَّفر ولكن يفسَّق فيستتاب فإن تاب وصلى قضي الأمر وحسابه عند الله ، وإن أصر قتل حداً . وقال أبو حنيفة وبعض أهل الكوفة والمزني من أصحاب الشافعي ، إنه لا يكفر ولا يقتل ، ولكن يحبس حتى يصلي ، وتأولوا الأحاديث كما ذكرناه أعلاه .
أما بالنسبة للرأي القائل بأن يحبس حتى يصلي ، فإن طالت المدة كثيراً واعتاد الرجل السجن ولم يصل ، فإلى متى يستمر ، تنفق الأمة جهداً ومالاً وموظفين ليراعوا تاركي الصلاة زمناً غير محدود . ولا يقوم لهذا الرأي سند من آية أو حديث ، وخروج واضح عن نص أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم الواضحة الحاسمة . وإن مثل هذا الرأي قد يغري بعض النفوس بترك الصلاة . والإصرار على تركها .
ولكن في جميع رأي علمائنا هنالك عامل مشترك ، مهما اختلفت الاجتهادات . هذا العامل المشترك هو عدم ترك " تارك الصلاة " يجول في المجتمع متحدياً أمر الله ورسوله ، ومغرياً غيره بفساده . ففي أضعف الحالات كان الاجتهاد حبسه حتى يصلي . إن الاجتهاد الفقهي يجب أن يحمي المجتمع من نشر الفساد وامتداده .
4ـ قواعد إيمانية تساعد على فهم النصوص وتعين على الاجتهاد :
ونرى أنه لفهم مثل هذه الأحاديث والقضايا لا بد أن يكون هنالك قواعد إيمانية لمنهج التفكير ، حتى لا يظل التفكير رأياً خاصاً غير خاضع لمنهج ولا منضبط بقواعد ، وإلا أصبح من اليسير أن يتفلت كثير من الناس من بعض أحكام الدين بتأويلات تخرج عن جلاء النص وثباته وتأكيده .
القاعدة الأولى : التي أراها ضرورية هنا هي أن حكمنا على أي إنسان بالكفر بناءً على أدلة شرعية لدينا هو حكم في هذه الدنيا . نحن مكلفون أن نصدر أحكاماً آخذين بظواهر الأمور لا بما في داخل الصدور . فما في داخل الصدور لا يعلمه إلا الله . فحكمنا على رجل بالكفر يعني أن الرجل توافرت مظاهر حقيقية فيه ، جعلها النص كافية لإصدار الحكم . ولا يعني هذا أن أحكام الدنيا ، الأحكام التي يصدرها بشر ، مهما كانت أسبابها وافية ، فلا يعني أننا نفرضها في الدار الآخرة ، وأن الله سبحانه وتعالى يصبح ملزماً بها ، سبحانه وتعالى علواً كبيراً . ففي الدار الآخرة تقوم الموازين القسط والحق المطلق فلا ظلم أبداً ، ويغفر الله لمن يشاء ويعذب من يشاء لحكمة بالغة وقضاء حق وموازين قسط .
أما في الدنيا فولي الأمر مكلف بالاجتهاد بناء على نصوص ثابتة لديه ليقيم أمر الدين ويصد فساد العابثين ، وكذلك القاضي وكل مسؤول في حدود مسؤوليته .
وكذلك الحال بالنسبة لمن يقول : " لا إله إلا الله محمد رسول الله " ، فحكم ذلك في الدنيا أن نطالبه فوراً بإقامة مستلزمات هاتين الشهادتين من إقامة الشعائر وسائر التكاليف الربانية في حدود وسعه الصادق الذي سيحاسب عليه ، فإن أبى أن يقـوم بذلك وأصر فيطبق عليه حكم الإسلام ، حكم تارك الصلاة وسائر الشعائر ، ويقتل حداً ، ولو أنه يقول الشهادتين . إننا نحكم حكماً آنياً بإسلام من قال الشهادتين ، ونقبل منه ذلك ، ثم ننتظر أن يؤدي حقوق الشهادتين . فإن كان لا يعرفها علمناه إياها ، ثم طالبناه بالتزامها . وهذا الحكم حكم دنيوي آني . أما الحكم في الآخرة فالله وحده يعلم بما في صدور العالمين ، فقد يدخل الله عبده الجنة إذا علم أن في قلبه إيماناً ، وقد يدخله النار إذا علم أن في قلبه كفراً ، وقد يغفـر الله لفاسق في الدنيا ، وقد لا يغفر له ، كل ذلك على موازين قسط وقضاء حق عادل لا ظلم معه أبداً . وليس بمقدور البشر أن يحكموا في الدنيا بأحكام يرون أنها ستمتد للآخرة . الناس مكلفون في الدنيا بتنفيذ منهاج الله قرآناً وسنة ، ولابد أن يجتهدوا من أجل ذلك ، وقد يصيبون وقد يخطئون ، فأحكامهم تظل أحكاماً بشرية اجتهادية مداها هذه الحياة الدنيا .
والقاعدة الثانية : من يصدر هذه الأحكام ومدى جدواها ؟ :
فقد يصدر الحكم من القضاء الإسلامي الملتزم بالكتاب والسنة ، ويعقب الحكم إجراء تنفيـذي بالحبس والاستتابة ، أو القتل حداً إن أصر على عدم الصلاة .وقد يصدر حكم ما من قضاء ما يعقبه إجراء قائـم على القوانين الوضعية . وقد يكون الرأي حديث مجلس ينتهي أثره بانتهاء المجلس ، ولا يكون له أثر بعد ذلك في المجتمع والأمة . أما إن كان المجتمع يحكمه منهاج الله ، يلتزمه الكبير والصغير ، فيكون الحكم عبرة للناس وطاعة لله وردعاً للآخرين . ويظل الحكم خاضعاً للقاعدة الأولى . وأما حديث المجالس فيعتمد على مستوى أهل المجلس ومستوى الفقه فيه والغاية من إثارة هذا الموضوع . فإن كان مجلس علم فخير إن شاء الله ، على أن يلتزم المجلس بالكتاب والسنة ويستأنسوا بآراء الفقهاء ، وأما إن كان مجلساً عاديـاً تساق فيه الآراء ارتجالاً دون تحقيق وتمحيص ، فخير أن يتوقف الجميـع ليعود كل واحد إلى دراسة الموضوع ليقدم كل رأياً مدروساً عن بينة وعلم ، فلا يقفو أحد ما ليس له به علم :
( ولا تقف ما ليس لك به علم إنَّ السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً ) [ الإسراء : 36 ]
وفي غالب الأحيان تصدر الآراء رواية عن هذا وذاك ، دون أن ينهض المسلم إلى ما أمره الله به : " طلب العلم فريضة على كل مسلم " ، ودون أن يعرف الدليل عند من نقل رأيه ، ودون أن يرد الأمر كله للكتاب والسنة .
والقاعدة الثالثة : أصبح كثير من المسلمين لو سألته : لم تركت الصلاة فيقول : " كسلا " ! ولكن الكسل ليس عذراً مقبولاً في الإسـلام ليسوغ ترك الصلاة . ولو كان العذر الكسل ، لترك الرجل الصلاة يوماً أو يومين أو مدة قصيرة ، يتذكر بعدها أن الصلاة فرض وأنها ركن من الأركان الخمسة . أما أن يظل تاركاً للصلاة عمره كله بحجة الكسل ، فهذا عذر مرفوض ديناً وعقلاً . والواقع اليوم يكشف لنا أن الملايين من المنتسبين إلى الإسلام لا يصلون . وقد يلجؤون إلى عذر الكسل ، أو على الأصح اللامبالاة وعدم الاهتمام . وإذا ذكَّرت أحداً من هؤلاء بأمر الدين ومنزلة الصلاة أجابك : هذا أمر يخصني أنا ، وهي علاقة بيني وبين الله . فيصدك بإصرار عن أن تتدخل في أمر تركه للصلاة أو تنصحه . لقد ذهب وازع السلطة ، الوازع الذي شرعه الله للمؤمنين ، حتى يقيم فيهم شرع الله ، ويقيم أمر الدين كله . فتفلت الناس ووجدوا من يغريهم على التفلت ويهون لهم أمر ترك الصلاة . فإذا كان المرض الشديد لا يجيز ترك الصلاة ، وإذا كان الخوف لا يجيز ترك الصلاة ، وإذا كان المسلم مكلفاً بإقامة الصلاة في جميع حالاته لا يُقبَل له عذر بتركها ، فهل يُقبَل عذر الكسل ؟ !
القاعدة الرابعة : يجب التفريق في واقعنا اليوم بين حكم تارك الصلاة ، وبين طريقة معالجة هذه المشكلة . فحكم تارك الصلاة في الإسلام واحد ، لا عذر عند الله لأحد بتركها أبداً ، ونحن مكلفون أن نوضح هذه الحقيقة للناس توضيحاً جلياً عسى أن يرتدع بعض تاركي الصلاة . واليوم عدد تاركي الصلاة كبير جداً في العالم الإسلامي ، ملايين تتلوها ملايين ، ولا يتوافر سلطان ليزجر أو يستتيب أو يقيم الحد . وهو ابتلاء من الله كبير . ولكن يبقى تارك الصلاة ، بالنسبة للاجتهاد البشري في هذه الحياة الدنيا كافراً ، ولكن تختلف طريقة المعالجة لهذه المشكلة المتزايدة . فالحكم ثابت مدى الأزمان ، وطريقة التعامـل والمعالجة تختلف . وأعتقد أن رأي أبي حنيفة في شأن تارك الصلاة وسيلة لمعالجة مشكلة في الواقع أكثر منها حكماً شرعياً ملتزماً بنصوص شرعية .
والموقف اليوم وأسلوب المعالجة ينطلق من حقيقة أساسية هي الدعوة إلى الإيمان والتوحيد ، إلى الله ورسوله . يمكن أن نقول لتارك الصلاة حقيقة الحكم إذا كان ذلك يؤثر فيه إيجابيـاً ، ويجعله يعيد تفكيره ، ويمكن أن لا نثير هذا الموضوع ، وننطلق إلى الخطوة الرئيسة لندعوه إلى حقيقة الإيمان دعوة منهجية مدروسة ، نتألف بها قلبه على الإيمان والتوحيد ، ونبين له نواحي الخلل في إيمان بعض الناس الذين يقولون إنهم مؤمنـون . فتبرز قضية الفطرة التي فطر الله الناس عليها ، ومعنى الألوهيّـة والربوبية ، ومعنى عبودية الإنسان لله رب العالمين ، والعهد مع الله ، والولاء الأول لله ، والحب الأكبر لله ولرسوله ، وأن الإيمان قضية مفاصلة وحسم ، وقضيـة تكاليف والتزام ، وقضية مسؤولية وحساب ، وأن الإيمان الصادق يدفع المسلم إلى النهوض إلى التكاليف الربانية ، وأولها ، بعد الأركان الخمسة طلب العلم من القرآن والسنة ، إلى غير ذلك من التكاليف ، وأن منهاج الله مصدر ذلك كله .
ويعرض المسلم هذه القضايا بأسلوب يختلف من شخص إلى شخص ، بعد دراسة الشخص واختيار الأسلوب الأنسب والأوفى .
أما أن نترك تارك الصلاة ، لا ننبهه لخطورة القضية ، ولا نعالجها فيه ، فهذا أمر سيء يقع إثمه على كل مسلم يتخلى عن النصح والتذكير والدعوة في واقع لا يحكم فيه الإسلام ، أو على المسؤول المنوط به هذا الأمر .
ونعود لنؤكد أن من قال : " أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله " ، نقبل إيمانه ولا ندعي أننا نعرف ما في قلبه . ولكنه يخضع لحكم الإسلام بعد أن نطق بالشهادتين ، فيطالب بأداء ما كلفه الله به بموجب الشهادتين ، فإن قام بذلك فقد أحسن ، وأن أبي ونكث فيقام عليه حكم الإسلام . وأي حكم يقام عليه فلا يعني أنه هو حكم الله عليه في الآخرة . فحكم الدنيا اجتهاد أُمِرنا به ، وحكم الآخرة عدل وحق من الله .
وأما بالنسبة لما ورد من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من قال : " لا إله إلا الله دخل الجنة " فإنها تعني أن من قالها صادقاً من قلبه ، كما يبينه نص آخر للحديث ، فإنه يدخل الجنة . ومن قالها صادقاً من قلبه فإنه يستجيب لأمر الله وينهض لما كلفه الله به في حدود وسعه الصادق . وإلا كيف ينسجم الصدق الخالص من القلب وعدم الطاعة لله ولرسوله . ويظل معنى هذه الأحاديث يدل على أن الحكم على قائل الشهادتين هو حكم في الآخرة ، حيث يعلم الله وحده ما في قلبه . وربما دخل النار رجل قال الشهادتين وأدى الشعائر ، فعلم الله أنه لم يكن صادقاً فأدخله النار .
نستغفر الله إن أخطأنا ونتوب إليه ، فهذا غاية اجتهادنا ، والحمد لله رب العالمين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ()
(1) صحيح الجامع الصغير وزيادته : ( ط:3) ـ ( رقم : 4143) .
(2) الترمذي : 41/8/2616 .
(3) صحيح الجامع الصغير وزيادته : ( ط : 2) ـ ( رقم : 2837 ) .
(4) صحيح الجامع الصغير وزيادته : (ط:3) ـ (رقم :4143) . الترمذي : 41/9/2622 .
(5) أحمد : المسند : 5/346 ، الفتح : 2/232 .
(6) صحيح الجامع الصغير وزيادته ( ط:2) : ( رقم : 2846 ) . الترمذي : 41/9/2618 .
(7) الترمذي : 41/9/2622 .
صورة العضو الرمزية
mubark59
مشاركات: 2814
اشترك في: الأحد 2007.8.26 9:56 pm
مكان: بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

رد: الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس

مشاركة بواسطة mubark59 »

نتواصل معكم فى الحديث اليومى من مسجد الوم رووك بيرمنجهام والشيخ عبدالجليل الباكستانى وقد كان حديث اليوم السبت 10 ذو الحجة 1437 هجرية الموافق 13 اغسطس 2016 عن احب البلاد الى الله المساجد وابغضها الاسواق حديث فى شرحه معانى جميله وعبر عديده فالى الحديث وشرحه :
أحب البلاد إلى الله
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين..
أما بعد:
فإن المساجد بيوت الله -جل وعلا-، وخير بقاع الأرض، وأحب البلاد إليه سبحانه وتعالى، وقد أضافها إلى نفسه تشريفاً لها وتكريماً، فقال تعالى: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} سورة الجن (18).
في تلك البقاع المفضلة تؤدى أفرض فرائض الله، بل أهم ركن من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي فريضة الصلاة، وفيها يعلم الجاهل، ويذكر الغافل، ويرشد الحيران، ويعان المحتاج.
من تلك البقاع المباركة تخرج العلماء والفقهاء، والقادة والعظماء، والعباد والزهاد، وفيها رفعت الأيدي لرب الأرض والسماء، وعفرت الجباه لذي العزة والكبرياء، وفي مدحها وفضل بنائها، جاءت أحاديث سيد ولد عدنان، وتنافس الخطباء والوعاظ والشعراء في أيهما يحوز على قصب السبق في وصفها، ووصف عامريها بالذكر والدعاء، والتعليم والخشوع والبكاء، فهذا أحد الشعراء يصف من يرتادها ويحن إليها كلما سمع النداء فيقول:
لابد من صنع الرجال *** ومثله صنع السلاح
وصناعة الأبطال علم *** قد دراه أولو الفلاح
لا يصنع الأبطال إلا *** في مساجدنا الفساح
في روضة القرآن في *** ظل الأحاديث الصحاح
من خان حي على الصلاة *** يخون حي على الكفاح
بتلك البيوت تعلقت قلوب المحبين لله، وانقطعت إلى ملازمتها لإظهار ذكره فيها، فالملازمين لها رجال: {لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} سورة النور(36-38).
وسنقف مع حديث من أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في هذا المعنى.
نص الحديث:
عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها) رواه مسلم.
شرح الحديث:
قوله: (أحب البلاد إلى الله مساجدها)؛ لأنها بيوت الطاعات، وأساسها على التقوى..
ففي المساجد يعبد الله ويوحد، ويثنى عليه ويمجد ويحمد، وفيها يركع له ويسجد، وفيها يذكر الله ويقرأ القرآن، وفيها تقام الصلوات، ومجالس العلم والتعلم، فيذكر الناسي، ويعلم الجاهل، ويرشد الحيران، وما إلى ذلك من الأمور التي من أجلها بنيت المساجد.. فلذلك كانت أحب البلاد إلى الله.
قوله: (وأبغض البلاد إلى الله أسواقها)؛ لأنها محل الغش والخداع والربا والأيمان الكاذبة وإخلاف الوعد والإعراض عن ذكر الله وغير ذلك مما في معناه.
ففي الأسواق النصب والاحتيال والسرقة، والغش والمكر والخديعة، والحلف الكاذب، وفيها معصية الرحمن، وسماع مزامير الشيطان، وفيها يباع ما حرم الله من خمر وسجائر ومخدرات، وفيها مزاحمة الرجال للنساء، والتبرج والسفور، وخلوة المرأة بالبائعين، بل وفيها الشيطان حيث ينصب رايته فيها، فيسول الشر ويزينه ويحسنه، ويكره الخير ويبغضه إلى قلوب الناس، فتلك وظيفته: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ* إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} سورة ص(82) (83).
وأخرج مسلم في صحيحه عن سلمان الفارسي –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تكونن إن استطعت أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها، فإنها معركة الشيطان، وبها ينصب رايته).
قال القرطبي -رحمه الله-: "لما كثر الباطل في الأسواق وظهرت فيها المناكر: كره دخولها لأرباب الفضل والمقتدى بهم في الدين تنزيها لهم عن البقاع التي يعصى الله فيها، فحق على من ابتلاه الله بالسوق أن يخطر بباله أنه قد دخل الشيطان ومحل جنوده، وأنه إن أقام هناك هلك، ومن كانت هذه حاله اقتصر منه على قدر ضرورته وتحرز من سوء عاقبته وبليته".
فينبغي التقليل من دخول الأسواق التي فيها منكرات، وإن اضطر الإنسان إلى دخولها فليدخلها وهو متأدب بآداب السوق: من الدعاء، وغض البصر، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وما إلى ذلك من الآداب الإسلامية.
ذلك أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قد شبه السوق بساحة معركة بين الشيطان وبين بني آدم، قال القرطبي -رحمه الله-: "تشبيه النبي -صلى الله عليه وسلم- السوق بالمعركة تشبيه حسن، وذلك أن المعركة موضع القتال سمي بذلك لتعارك الأبطال فيه ومصارعة بعضهم بعضا فشبه السوق وفعل الشيطان بها ونيله منهم مما يحملهم من المكر والخديعة والتساهل في البيوع الفاسدة والكذب والأيمان الكاذبة واختلاط الأصوات وغير ذلك بمعركة الحرب ومن يصرع فيها"1..
فلذلك كانت الأسواق من أبغض البقاع إلى الله، فينبغي أن تكون الأسواق من أبغض البقاع إلى عباد الله الذين يحبون الله، فإن من أحب شيئاً أحب ما يحبه، وكره ما يكرهه.
بعض النصوص في فضل بناء المساجد:
لقد جاءت نصوص كثيرة في فضل بنائها وعمارتها، فمن ذلك قوله تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ} سورة التوبة(18). والعمارة تشمل العمارة المعنوية والعمارة الحسية..
وجاء في الحديث عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من بنى مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتا في الجنة)2. وفي رواية: (بنى الله له مثله في الجنة).
وروى البزار واللفظ له والطبراني في الصغير وابن حبان في صحيحه عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول -صلى الله عليه وسلم-: (من بنى لله مسجدا قدر مفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة)، ورواه ابن خُزيمة من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- ولفظه: (ومن بنى مسجدا كمفحص قطاة أو أصغر بنى الله له بيتا في الجنة). ومفحص القطاة هو عشها. والقطاة واحدة القطا طائر معروف من أنواع الحمام..
ماذا يعني التبرك بالمساجد؟:
يعني ذلك الصلاة فيها والاعتكاف وقراءة القرآن والقيام بأنواع العبادات المختلفة.
فالمساجد لها مزية عموماً، ولكن هناك أربعة مساجد لها مزيد من المزايا وهي: المسجد الحرام، ومسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والمسجد الأقصى، ومسجد قباء؛ لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام).
وعند الإمام أحمد بزيادة: (وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في هذا). ولقوله -صلى الله عليه وسلم- كما في البخاري ومسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى). ولقوله صلى الله عليه وسلم: (من تطهر في بيته، ثم أتى مسجد قباء وصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة)3.
بل كل المساجد فيها الفضل والبركة، بما يمن الله فيها على عباده بمغفرة الذنوب، فقد جاء في الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة).
وقد جاء في حديث السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (ورجل قلبه معلق بالمساجد) متفق عليه.
والمجتمعين فيه لمدارسة كتاب الله تنزل عليهم السكينة، وتغشاهم الرحمة، وتحفهم الملائكة، ويذكرهم الله فيمن عنده؛ كما جاء بذلك الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة-رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحملتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)..
فعلينا جميعاً أن نكثر من البقاء في المساجد فإنها أحب البقاع والبلاد إلى لله، كما علينا أن نحذر من كثرة البقاء في الأسواق فإنها من أبغض البلاد إلى الله.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم..
1 انظر: الجامع لأحكام القرآن(13/15) للقرطبي..
2 رواه البخاري ومسلم.
3 رواه أحمد والنسائي وابن ماجه، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه، رقم(1160).
صورة العضو الرمزية
mubark59
مشاركات: 2814
اشترك في: الأحد 2007.8.26 9:56 pm
مكان: بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

رد: الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس

مشاركة بواسطة mubark59 »

الحمد لله نحمده على نعمة الصحة والعافيه ما زال حديثنا يتواصل وسطرنا لا يتكاسل ونحن نقدم لكم من مسجد الوم رووك بيرمنجهام والشيخ عبد الجليل الباكستانى الدرس اليومى فى الحديث بعد صلاه الفجر وكان درس اليوم الاثنين 12 ذو القعدة 1437 هجرية الموافق 15 اغسطس 2016 م ( المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه فمن كان فى حاجه اخيه كان الله فى حاجته )
اللهم وفقنا جميعا فى قضاء الحاجات وارفعنا بها اعلى الدرجات فى الحياه وقبل الممات وبعد الممات آميين ، فالى الحديث وشرحه من الشيخ بن عثيميين
شرح حديث ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا...) من رياض الصالحين للعثيمين رحمه الله
عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه: كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة" متفق عليه [379].
الشرح
قال المؤلف رحمه الله تعالى - فيما نقله عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" المسلم أخو المسلم" يعني في الدين، كما قال الله تبارك وتعالى: ( فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً )(آل عمران:م103) وقال الله تعالى (فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ)(الأحزاب:5)وهذه الأخوة هي أوثق الأخوات ، أوثق من أخوة النسب، فإن أخوة النسب قد يتخلف مقتضاها، فيكون أخوك من النسب عدواً لك كارهاً لك ، وذلك يكون في الدنيا وفي الآخرة. قال الله تعالى: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ) (الزخرف:67).
أما أخوة الدين فإنها أخوة ثابتة راسخة في الدنيا وفي الآخرة ، تنفع الإنسان في حياته وبعد مماته، لكن هذه الأخوة لا يترتب عليها ما يترتب على أخوة النسب من التوارث ووجوب النفقة وما أشبه ذلك.
ثم قال : " لا يظلمه ولا يسلمه" لا يظلمه لا في ماله ، ولا في بدنه، ولا في عرضه، ولا في أهله، يعني لا يظلمه بأي نوع من الظلم " ولا يسلمه يعني لا يسلمه لمن يظلمه ، فهو يدافع عنه ويحميه من شره، فهو جامع بين أمرين:
الأمر الأول: أنه لا يظلمه.
والأمر الثاني: أنه لا يسلمه لمن يظلمه بل يدافع عنه.
ولهذا قال العلماء - رحمهم الله -: يجب على الإنسان أن يدافع عن أخيه فعرضه وبدنه وماله. في عرضه: يعني إذا سمع أحداً يسبه ويغتابه ، يحب عليه أن يدافع عنه. وكذلك أيضاً في بدنه : إذا أراد أحد أن يعتدي على أخيك المسلم وأنت قادر على دفعه، وجب عليك أن تدافع عنه، وكذلك في ماله: لو أراد أحد أن يأخذ ماله، فإنه يجب عليك أن تدافع عنه.
ثم قال عليه الصلاة والسلام:" والله في حاجة العبد ما كان العبد في حاجة أخيه" يعني أنك إذا كنت في حاجة أخيك تقضيها وتساعده عليها؛ فإن الله تعالى يساعدك في حاجتك ويعينك عليها جزاءً وفاقاً.
ويُفهم من ذلك أن الإنسان إذا ظلم أخاه؛ فإن أخوته ناقصة، وإذا أسلمه إلى من يظلمه؛ فإن أخوته ناقصة، وإذا أسلمه إلي من يظلمه، فإن أخوفه ناقصة، وإذا لم يكن في حاجته، فإن هذا يفوته الخير العظيم، وهو كون الله تعالى في حاجته.
ثم قال:" ومن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا؛ فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة" الكرب ما يضيق على الإنسان ويشق عليه ، ويجد له في نفسه هماً وعماً، فإذا فرجت عن أخيك هذه الكربة؛ فرج الله عنك كربة من كرب يوم القيامة.
وتفريج الكربات يكون في أمور متعددة: إن كانت كربة مالية؛ فبإعطائه المال الذي تزول به الكربة، وإن كانت كربة معنوية؛ فبالحرص على رد معنويته ورد اعتباره حتى تزول عنه الكربة، وإذا كامن كربة هم وغم؛ فبأن توسع عليه وتنفس له ، وتبين له أن الأمور لا تدوم، وأن دوام الحال من المحال، وتبين له ما في هذا من الأجر والثواب العظيم، حتى تهون عليه الكربة.
" ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة" من ستر يعني : غطى عيبه ولم يبينه، فإن الله يستره في الدنيا والآخرة، وهذا ليس على إطلاقه فهناك نصوص تدل على أنه غير مطلق، فالستر قد يكون مأموراً به محموداً، وقد يكون حراماً ، فإذا رأينا شخصاً على معصية ،وهو رجلٌ شرير منهمك في المعاصي، لا يزيده الستر إلا طغياناً؛ فإننا لا نستره، بل نبلغ عنه حتى يُردع ردعاً يحصل به المقصود. أما إذا لم تبدر مه بوادر سيئة، ولكن حصلت منه هفوة ، فإن من المستحب أن تستره ولا تبينه لأحد، لا للجهات المسؤولة ولا لغيرها، فإذا سترته ستر الله عليك في الدنيا والآخرة.
ومن ذلك أيضاً أن تستر عنه العيب الخلقي، إذا كان فيه عيب في خلقته كجروح مؤثرة في جلده أو برص أو بهق أو ما أشبه ذلك، وهو يتستر ويحب ألا يطلع عليه الناس فإنك تستره، إذا سترته سترك الله في الدنيا والآخرة. وكذلك إذا كان سيئ الخلق لكنه يتظاهر للناس بأنه حسن الخلق وواسع الصدر ، وأنت تعرف عنه خلاف ذلك، فاستره . فمن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة فالستر كما قلت بالنسبة للأعمال السيئة التي يقوم بها الإنسان ينقسم إلى قسمين:
قسم يكون من شخص منهمك في المعاصي مستهتر، فهذا لا نستر عليه.
وقسم آخر حصل منه هفوة، فهذا هو الذي نستر عليه. أما الأمور الأخرى فالستر فيها أكمل وأفضل ، الله المستعان.
رياض الصالحين للعثيمين رحمه الله
صورة العضو الرمزية
mubark59
مشاركات: 2814
اشترك في: الأحد 2007.8.26 9:56 pm
مكان: بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

رد: الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس

مشاركة بواسطة mubark59 »

عدنا بحمد الله وتوفيقه بعد اداء الحج لنتواصل معكم بكل سرور فى الدرس اليومى بعد صلاة الفجر من بيرمنجهام من مسجد الوم رووك والشيخ عبدالجليل الباكستانى ، وصراحة منذ قدومى حضرت اكثر من صلاة للفجر ولكن كنت فى غايه الارهاق والتعب من الحج وكنت اعانى من نزله حادة وبقييت فى المنزل ثلاثة ايام ونزلت العمل اليوم الرابع وقد تحسنت كثيرا بحمد الله .
حديث اليوم الاثنين28 ذو الحجة 1437هجرية الموافق 26 سبتمبر 2016م كان الحديث عن الانفاق ( يا أبن ادم انفق انفق علييك ) ، ذكر الشيخ قصه واقعيه حكاها له باكستانى من معارفه قال كنت متحرك لصلاة الظهر فى المسجد فاعطتنى زوجتى 10 جنية لشراء بعض الاغراض للغداء خبر وسلطة وبعد صلاة الظهر ظهر شخص يطلب الدعم وبدون ما اشعر ادخلت يدى فى جيبى واخرجت العشرة جنية ودفعتها له ، عندما وصلت السوبر ماركت تذكرت اننى تبرعت بالعشرة جنية فرجعت البيت وذكرت ما حدث لزوجتى وطلبت منها عشره اخرى فاعتذرت انها اخر عشره !!!! فقلت لها سوف اذهب لصاحب المتجر لانى اعرفه واطلب منه ان يسلفنى الى حين ان يفتح الله علينا ، وانا قرب المتجر قابلنى صديق وذكر لى انه تسلف منى قبل 4 شهور 100 جنيه وكنت مسافر باكستان واعتذر بشده واعطانى ال100 جنية وقال لى لو عايز سلف مثلها فانا جاهز ، شكرته واخذت ال100 جنية استرلينى واشتريت الاغراض ورجعت ب90 جنية للبيت والحمد لله ربنا عوضنى عشره اضعاف والله يضاعف لمن يشاء والله يرزق من يشاء بغير حساب .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( قال الله : أَنْفِق يا ابن آدم أُنْفِق عليك ) رواه البخاري ومسلم .
منزلة الحديث
هذا الحديث من الأحاديث العظيمة التي تحث على الصدقة والبذل والإنفاق في سبيل الله ، وأنها من أعظم أسباب البركة في الرزق ومضاعفته ، وإخلاف الله على العبد ما أنفقه في سبيله .
فضل الإنفاق
جاءت النصوص الكثيرة التي تبين فضائل الصدقة والإنفاق في سبيل الله ، وتحث المسلم على البذل والعطاء ابتغاء الأجر الجزيل من الله سبحانه ، فقد جعل الله الإنفاق على السائل والمحروم من أخص صفات عباد الله المحسنين ، فقال عنهم : { إنهم كانوا قبل ذلك محسنين ، كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون ، وبالأسحار هم يستغفرون ، وفي أموالهم حق للسائل والمحروم } (الذاريات: 16-19) وضاعف العطية للمنفقين بأعظم مما أنفقوا أضعافاً كثيرة في الدنيا والآخرة فقال سبحانه : { من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً فيضاعفه له أضعافاً كثيرة } (البقرة: 245) .
والصدقة من أبواب الخير العظيمة ، ومن أنواع الجهاد المتعددة ، بل إن الجهاد بالمال مقدم على الجهاد بالنفس في جميع الآيات التي ورد فيها ذكر الجهاد إلا في موضع واحد ، يقول - صلى الله عليه وسلم - : ( جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم ) رواه أبو داود .
وأحب الأعمال إلى الله كما جاء في الحديث ( سرور تدخله على مؤمن ، تكشف عنه كرباً ، أو تقضي عنه ديناً ، أو تطرد عنه جوعاً ) ، رواه البيهقي ، وحسنه الألباني .
والصدقة ترفع صاحبها حتى توصله أعلى المنازل ، قال - صلى الله عليه وسلم - : ( إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه ، ويصل فيه رحمه ، ويعلم لله فيه حقاً فهذا بأفضل المنازل... ) رواه الترمذي .
كما أنها تدفع عن صاحبها المصائب والبلايا ، وتنجيه من الكروب والشدائد ، وفي ذلك يقول - صلى الله عليه وسلم : ( صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات ، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة ) رواه الحاكم وصححه الألباني ، أضف إلى ذلك إطفاؤها للخطايا وتكفيرها للسيئات ، ومضاعفتها عند الله إلى أضعاف كثيرة ، ووقايتها من عذاب الله كما جاء في الحديث ( اتقوا النار ولو بشق تمرة ) رواه البخاري وغير ذلك من الفضائل .
فهو يخلفه
ومن فضائل الصدقة التي دل عليها هذا الحديث القدسي مباركتها للمال ، وإخلاف الله على صاحبها بما هو أنفع له وأكثر وأطيب ، وقد وعد سبحانه في كتابه بالإخلاف على من أنفق - والله لا يخلف الميعاد - قال تعالى : { وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين } (سبأ: 39) ، أي مهما أنفقتم من شيء فيما أمركم به وأباحه لكم ، فإنه يخلفه عليكم في الدنيا بالبدَل ، وفي الآخرة بحسن الجزاء والثواب ، فأكد هذا الوعد بثلاث مؤكدات تدل على مزيد العناية بتحقيقه ، ثم أتبع ذلك بقوله :{ وهو خير الرازقين } لبيان أن ما يُخْلِفه على العبد أفضل مما ينفقه .
ومما يدل أيضاً على أن الصدقة بوابة للرزق ومن أسباب سعته واستمراره وزيادته ، قوله تعالى : { لئن شكرتم لأزيدنكم } (إبراهيم: 7) ، والصدقة غايةٌ في الشكر ، كما أن نصوص السنة الثابتة جاءت بما يؤكد هذا المعنى الذي دلت عليه آيات الكتاب، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( .. وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة .... ) رواه أحمد ، وقوله : ( ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا ) أخرجاه في الصحيحين .
وفي مقابل ذلك جاءت نصوص عديدة تردُّ على من ظن أن الصدقة منقصة للمال ، جالبة للفقر ، وتبين أن الشح والبخل هو سبب حرمان البركة وتضييق الرزق ، يقول- صلى الله عليه وسلم- : ( ثلاثة أقسم عليهن ، وأحدثكم حديثا فاحفظوه ، قال : ما نقص مال عبد من صدقة .... ) رواه الترمذي .
وعادَ - صلى الله عليه وسلم- بلالاً ذات مرة في مرض أصابه ، فأخرج له بلال كومة من تمر ، فقال : ما هذا يا بلال ؟ قال : ادخرته لك يا رسول الله ، قال : ( أما تخشى أن يجعل لك بخار في نار جهنم ، أنفق يا بلال ولا تخش من ذي العرش إقلالاً ) رواه الطبراني وغيره بإسناد حسن .
إضافة إلى أن الواقع والتجربة المشاهدة والمحسوسة ، تثبت أن المعونة تأتي من الله على قدر المؤونة ، وأن رزق العبد يأتيه بقدر عطيته ونفقته ، فمن أَكثر أُكثر له ، ومن أقل أُقِل له ، ومن أمسك أُمسِك عليه ، وهو أمر مجرب محسوس ، والقضية ترتبط بإيمان العبد ويقينه بما عند الله ، قال الحسن البصري رحمه الله : "من أيقن بالخُلْف جاد بالعطية" .
بين الإسراف والتقتير
ولأن هذا المال هو في الحقيقة مال الله ، استخلف عباده فيه لينظر كيف يعملون ، فليس للإنسان الحق المطلق في أن يتصرف فيه كيف يشاء ، بل إن تصرفاته ينبغي أن تكون مضبوطة بضوابط الشريعة ، محكومة بأوامرها ونواهيها ، فيُبْذَل حيث يُطْلب البذل ، ويُمْسك حيث يجب الإمساك ، والإمساك حيث يجب البذل بُخْلٌ وتقتير ، والبذل حيث يجب الإمساك إسراف وتبذير ، وكلاهما مذموم ، وبينهما وسط محمود وهو الكرم والجود ، وهو الذي أمر الله به نبيه عليه الصلاة والسلام بقوله : { ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا } (الإسراء: 29)، وامتدح به عباده المؤمنين بقوله : { والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما } (الفرقان: 67) ، قال ابن عباس : " في غير إسراف ولا تقتير " ، وسُئل ابن مسعود عن التبذير فقال : " إنفاق المال في غير حقه " .
فالجود في ميزان الشرع - كما قال ابن حجر - : " إعطاء ما ينبغي لمن ينبغي وهو أعم من الصدقة " ، وهو وسط بين الإسراف والإقتار ، وبين البسط والقبض ، وله مجالاته المشروعة ؛ ولذا فإن بذل المال في غير موضعه قد لا يكون كرماً ، ومما أثر عن مجاهد قوله : " إذا كان في يد أحدكم شيء فليقتصد ، ولا يتأول هذه الآية : { وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين } (سبأ: 39) ، فإن الرزق مقسوم ، لعل رزقه قليل ، وهو ينفق نفقة الموَسَّع عليه "
صورة العضو الرمزية
mubark59
مشاركات: 2814
اشترك في: الأحد 2007.8.26 9:56 pm
مكان: بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

رد: الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس

مشاركة بواسطة mubark59 »

الاخوان الكرام ما زالت الاحاديث متواصله بحمد الله وسعادتى بكم كثيرة وامطارنا هنا غزيرة ، واهتماماتنا بكم جديرة ، وشورباتنا لكم ( حريرة ) وهى شوربة مغربية تقدم فى رمضان وهى خليط من اللحوم الصغيرة والخضار والشعيرية والكسكسى ، لا تنافسها الا شوربة العدس عندنا فى السودان.
فالحمد لله الحمد لله الحمد لله خلال ايام عطلتى وراحتى العملية الثلاثة ايام الخميس والجمعة والسبت ،كنت معكم بالحديث متواصلا ولصلاة الفجر غير متكاسلا ولرسائكم وقروباتكم ومواقعكم غير متجاهلا .
اسال الله ان يسهل علييكم وعليينا من الرزق ساهلا ، ومن الخير ماهلا ، ومن العلم ناهلا ، والى سعيد الاخبار ناقلا .
وان يرزق الابناء طاعة وبر الوالدين ، وعدم الدخول فى الدين ، والمذاكرة من يوم الاثنين ( بداية الاسبوع عندنا فى اروبا ) .
وبعد هذه المقدمة المرتجله والتى اسال الله ان تنال اعجابكم ولا اريد ان اكثر فى اطنابكم ، اسمحوا لى ان ادخل فى حديث اليوم السابع من محرم 1438 هجرية الموافق الثامن من اكتوبر من مسجد الوم رووك والشيخ عبدالجليل الباكستانى والذى كان :
عن ابى هربرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صل الله عليه وسلم ( انظروا الى من هو اسفل منكم ولا تنظروا الى من هو فوقكم فهو اجد ان لا تزدروا نعمة الله علييكم )
شرح الكلمات
اسفل منكم اى ادنى منكم فى امور الدنيا
أجدر : احق
تزدروا : اى تستصغروا وتحقروا
.
والان الى شرح الحديث :
انظروا إلى من هو أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا
* الفوائــد:
1- هذا الحديث يبين ويحث الإنسان أن ينظر إلى من هو دونه في أمور الدنيا.
- السبب في ذلك: لأن الإنسان إذا رأى من فُضِّلَ عليه في الدنيا طلبت نفسه مثل ذلك ، واستصغر ما عنده من نعمة الله تعالى ، وحرص على الازدياد ليلحق بذلك أو يقاربه.
2- أنه إذا نظر إلى من هو دونه فيها ، ظهرت له نعمة الله فشكرها وتواضع وفعل فيه الخير.
3- أنه ينبغي للمسلم أن ينظر إلى من هو أعلى منه في أمور الدين ، لأن ذلك يحفزه ويشجعه على الطاعة والمزيد من العبادة والإقبال على الله.
4- أن من أسباب شكر الله على نعمه النظر إلى من هو دونه في أمور الدنيا.
* أسباب شكر الله على نعمه:
- أولاً: النظر إلى من هو دونه في أمور الدنيا. لما جاء في الحديث.
- ثانياً: التضرع إلى الله بأن يوفقه لشكر نعمته. قال تعالى عن سليمان: ﴿ ربّ أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عليّ ﴾.
- وأوصى النبي صلى الله عليه وسلم معاذاً فقال له: ( يا معاذ ، إني أحبك في الله ، فلا تدعن دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) رواه أبو داود.
- ثالثاً: أن يعلم الإنسان أن الله سيسأله عن شكر نعمه هل قام بها أم قصر. قال تعالى: ﴿ ثم لتسألنّ يومئذٍ عن النعيم ﴾.
- قال ابن كثير: ” أي ثم لتسألن يومئذٍ عن شكر ما أنعم الله به عليكم من الصحة والأمن والرزق وغير ذلك ماذا قابلتم به نعمه من شكر وعبادة “.
- رابعاً: أن يعلم العبد أن النعم إذا شكرت قرت وزادت ، وإذا كفرت فرّت. قال تعالى: ﴿ وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ﴾.
صورة العضو الرمزية
mubark59
مشاركات: 2814
اشترك في: الأحد 2007.8.26 9:56 pm
مكان: بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

رد: الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس

مشاركة بواسطة mubark59 »

بسم الله الرحمن الرحيم ما زلنا احبابى الكرام نتواصل معكم اليوم السبت 14 محرم 1438 هجرية الموافق 15 اكتوبر فى حديثنا اليومى من مسجد الوم رووك بيرمنجهام والشيخ عبدالجليل الباكستانى وحديث اليوم عن مكارم الاخلاق . التى بعث رسولنا الكريم محمد بن عبدالله صل الله عليه وسلم ليتممها كما قال فى حديث . فالى الحديث وشرحه .
السلام عليكم الله ورحمه الله وبركاته
دعت الشريعة إلى مكارم الأخلاق، ومُدح بها نبي الأمة صلى الله عليه وسلم؛ يقول تعالى: «وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ»، فأتى صلى الله عليه وسلم ليتمّم مكارم الأخلاق
فالإسلام دعا إلى كل فضيلة ونهى عن كل رذيلة، ونادى بتطهير المجتمع من كل منكر وفحشاء، وبغي محرم فقد أمر الإسلام بكل خلق شريف من بر وتقوى ونهى عن كل خلق دنيء من إثم وعدوان، ومن أجمع الآيات في ذلك قوله تعالى: «إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ»، وكان رسولنا صلى الله عليه وسلم مضرب المثل في كل خلق نبيل. فقد وصفته زوجه خديجة فأخبرت بأنه يقري الضيف ويحمل الكل ويكسب المعدوم ويعين على نوائب الدهر.
والإسلام أتى بالمعتقد الصحيح والعبادة الفاضلة والخلق النبيل، ولكن المشكلة عند كثير من المسلمين تجزئة الدين وأخذ ما تهواه أنفسهم فقط.
فإن الواجب على عقلاء المسلمين وأهل الريادة فيهم والمسؤولية حمل الجيل على أنبل الأخلاق ونشر ثقافة مكارم الخلق وإيجاد القدوة الصالحة والأسوة الحسنة من الآباء والدعاة والمربين والأساتذة، واهتمام الإعلام بالالتزام بتعاليم الإسلام ودعوته إلى كريم الأخلاق وجميل الصفات والبعد عن كل ما يناقض دستور الأخلاق الشريفة والسجايا الفاضلة
مكارم الاخلاق في القران
وقول الله تبارك وتعالى على لسان لقمان وهو يعظ ابنه : (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ، وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ، وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ) سورة لقمان الآية 17-19 .
قال الله تبارك وتعالى ) وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً )البقرة: من الآية83
وقال تبارك وتعالى(وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ(
الإسراء: من الآية53
مكارم الأخلاق في السنة
والرسول الكريم محمد - صلى الله عليه وسلم - دعا دعوة صريحة واضحة إلى تحسين الأخلاق، والتحلي بأفضلها، وتجنب ما كان سيئا منها والابتعاد عن كل خلق مكروه.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقا. وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلسا يوم القيامة الثرثارون ، والمتشدقون والمتفيهقون ! قالوا يا رسول الله : قد علمنا الثرثارون والمتشدقون ، فما المتفيهقون ؟ قال : المتكبرون ) رواه الترمذي وقال حديث حسن .
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما من شيء أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق ، وإن الله يبغض الفاحش البذيء) رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح .
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ( أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق ) أخرجه الترمذي .
ولقد أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن نخالق الناس بخلق حسن ، فعن أبي ذر ومعاذ بن جبل رضي الله عنهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (اتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن ) رواه الترمذي وقال حديث حسن .
وعن جابر - رضي الله عنه - قال : قال : رسول الله - صلى الله عليه وسلم (إن أقربكم مني مجلسا أحاسنكم أخلاقا ، الموطئون أكنافا ، الذين يألفون ويؤلفون) رواه الطبراني .
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "( سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يدخل الناس الجنة قال: " تقوى الله وحسن الخلق " وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال: " الفم والفرج ") رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح .
عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم ( وصححه الألباني
عن أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله عليه وسلم ) أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم )قال الترمذي حسن صحيح
عن عبدالله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أحب الناس إلى الله تعالى أنفعهم للناس ، و أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور يدخله على مسلم ، أو يكشف عنه كربة ، أو يقضي عنه دينا ، أو تطرد عنه جوعا ، و لأن أمشي مع أخ في حاجة أحب إلي من أن اعتكف في هذا المسجد ، يعني مسجد المدينة شهرا ، و من كف غضبه ستر الله عورته ، و من كظم غيظه ، و لو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رجاء يوم القيامة ، و من مشى مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول الأقدام ، و إن سوء الخلق يفسد العمل ، كما يفسد الخل العسل ( وصححه الألباني
عن أبو هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) كل سلامى من الناس عليه صدقة ، كل يوم تطلع فيه الشمس ، يعدل بين الاثنين صدقة ، ويعين الرجل على دابته فيحمل عليها ، أو يرفع عليها متاعه صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وكل خطوة يخطوها إلى الصلاة صدقة ، ويميط الأذى عن الطريق صدقة ( رواه البخاري
عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن من أحبكم إلي أحسنكم أخلاقا )رواه البخاري
عن النواس بن سمعان ـ رضي الله عنه ـ قال) سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم ؟ فقال البر حسن الخلق والإثم ما حاك في صدرك ، وكرهت أن يطلع عليه الناس )) رواه مسلم
عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ) صلة الرحم ، و حسن الخلق ، و حسن الجوار ، يعمرن الديار ، و يزدن في الأعمار ( وصححه الألباني
فيالسعادة المتخلقين بأخلاق الإسلام، ويالهناءة المقتدين بخير الأنام محمد بن عبد الله " عليه الصلاة والسلام
أهمية مكارم الأخلاق:
1- حقيقة دعوة الرسول: روى الإمام أحمد عن أبي هريرة قال عليه السلام: ((إنّما بُعثت لأُتمم مكارم الأخلاق)). وقال تعالى:(ربناوابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويُعلِّمهم الكتاب والحكمة ويُزكِّيهم إنك أنت العزيز الحكيم)[البقرة:129]. وقال عز وجل: (هو الذي بَعَث في الأمّيين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويُزكِّيهم ويُعلِّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبلُ لفي ضلال مبين )[الجمعة:2].
2- الله يحب مكارم الأخلاق:
روى الطبراني عن جابر بن عبد الله قال صلى الله عليه وسلم:
((إن الله جميل يحب الجمال ويحب معالي الأخلاق ويكره سفاسفها)).
3- بمكارم الأخلاق يرتفع أقوام ويُحَطُّ آخرون بتضييعها:
مثل: إبليس: قال تعالى فيه: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين )[البقرة:34].
ومثل فرعون: قال تعالى: ((إن فِرعون عَلا في الأرض وجعل أهلها شيَعاً يستضعف طائفة منهم يُذبِّح أبناءهم ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين -ونُريد أن نَمُنَّ على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلَهم أئمة ونجعلهم الوارثين -ونُمكِّن لهم في الأرض ونُريَ فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون )[القصص:4-6].
ومثل قارون: (إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما إنّ مَفَاتِحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يُحِب الفَرحين _وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرةَ ولا تنسَ نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله إليك ولا تَبغِ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين )[القصص:76-77].
(فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين ) [القصص:81]..
قال الشاعر:
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا
4- هكذا كانت أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر بذلك:
روى البخاري ومسلم عن ابن عمر قال: لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحِشاً ولا مُتفحِّشاً وكان يقول: (إن من خياركم أحاسنكم أخلاقاً).
وروى الترمذي عن معاذ أنّه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تَمْحُها، وخالق الناس بخُلُق حسن).
شروط مكارم الأخلاق:
1- الإخلاص لله في هذا العمل.
2- أن تكون الأخلاق نابعة من الكتاب والسنة.
فلا يكون صاحب الخُلُق يقصد به منفعة دنيوية وغرضاً دنيوياً فحسب، بل يجب الإخلاص لله تعالى، وأن تكون الأخلاق وفِق ما جاء في الكتاب والسنة، وفي ذلك تحذير من وضع اللين في موضع الشدة، واستخدام الكذب لمقاصد حسنة وغير ذلك.
روى أحمد والبخاري في الأدب المُفرد عن أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم
: ((خياركم إسلاماً أحاسنكم أخلاقاً إذا فقهوا)).
علامات لمكارم الأخلاق:
وهناك علامتان لمكارم الأخلاق متى توفرت فليعلم الإنسان أنه فيه مكارم أخلاق ويلزمه الحِفاظُ عليها وتقويتها.
1- حب الخير للمسلمين: روى البخاري ومسلم عن أنس قال صلى الله عليه وسلم
((لا يؤمن أحدكم حتى يُحب لأخيه ما يحب لنفسه)).
2- احتمال الأذى: وللعبد المسلم صاحب الأخلاق الحسنة إذا أُصيب بأذية يتحمّل الأذى.
أنواع مكارم الأخلاق:
1- مكارم جِبلّيّة: جُبِل عليها الإنسان.
أخرج مسلم وأبو داود عن ابن عباس قال الرسول صلى الله عليه وسلم لأشَجِّ عبد القيس: ((إن فيك خَصلتين يُحبُّهما الله: الحلم والأناة)) وزاد أبو داود: يا رسول الله أنا أتخلَّق بهما أم الله جبَلني عليهما؟ قال: (( بل الله جبَلك عليهما)) قال: الحمد لله الذي جبلني على خُلتين يُحبّهما الله ورسوله.
2- مكارم مُكتسبة:
والأخلاق المكتسبة التي يتعلّمُها الناس ويحاول أن يلتزم بها وقد ييوفق لها بنفسه، أو قد يعينه إخوانه الصالحون على ذلك. أو يدعو الله أن يُحسِّن أخلاقه.
روى الخطيب عن أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم ((إنما العلم بالتعلُّم، والحِلم بالتحلُّم، ومن يَتحَرَّ الخير يُعطَه، ومن يَتوَقّ الشر يُوقه)).
وروى أبو داود والترمذي وأحمد عن أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم ً: ((الرجُل على دين خليله فلينظر أحدكم من يُخالل)).
ثمرات مكارم الأخلاق:
1- البركة في الدّيار والأعمار: روى أحمد عن عائشة قال صلى الله عليه وسلم ((حسن الخُلُق وحسن الجِوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار)).
2- المكارم تُثقِل الميزان يوم القيامة: عن أبي ذر قال الرسول صلى الله عليه و سلم: ( يا أبا ذر ألا أدلّك على خصلتين هما أخف على الظَّهر وأثقل في الميزان من غيرهما؟ قال: بلى يا رسول الله قال: عليك بحسن الخُلُق وطول الصمت، فو الذي نفس محمد بيده ما عمل الخلائق بمثلهما). وروى أبو داود وأحمد عن أم الدرداء قال صلى الله عليه وسلم: (ما من شيء في الميزان أثقل من حسن الخُلُق)
3- سبب لتألُّف القلوب:
روى مسلم: قال الرسول صلى الله عليه و سلم:
(الأرواح جنود مُجنّدة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف)
4- يحصل كمال الإيمان:
روى أبو داود وأحمد عن أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين أحسنهم خُلُقاً).
5- محبوب لله:
روى الطبراني قال الرسول صلى الله عليه و سلم:
(أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلُقاً).
6- يستحِقّ الجنة:
روى أبو داود عن أمامة قال صلى الله عليه وسلم (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان مُحقَّاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسُن خلقه).
7- يكون في درجة الصُّوَّام القّوَّام:
روى أبو داود والحاكم عن عائشة قال صلى الله عليه وسلم (إن الرجل ليُدرك بحسن خُلُقه درجات قائم الليل صائم النهار).
وروى أحمد عن ابن عمر قال صلى الله عليه وسلم: (إن المسلم المسدّد ليدرك درجة الصوّام القوام بآيات الله عز وجل لِكَرم ضريبته وحسن خلُقه)
8- يكون قريباً من الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:
روى الترمذي عن جابر قال صلى الله عليه وسلم (إن من أحبِّكم وأقربكم منّي مجلساً يوم القيامة: أحاسنكم أخلاقاً)
9- يحرم عليه النار:
روى مسلم قال صلى الله عليه وسلم: (أن النار تَحرُم على كل قريب هيّن سهل)
تقى احمد
مشاركات: 17
اشترك في: الثلاثاء 2016.10.11 2:46 pm
مكان: مصر

رد: الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس

مشاركة بواسطة تقى احمد »

جزاك الله خيرا
تقى احمد
مشاركات: 17
اشترك في: الثلاثاء 2016.10.11 2:46 pm
مكان: مصر

رد: الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس

مشاركة بواسطة تقى احمد »

سبحانك ربى ما اكرمك
صورة العضو الرمزية
mubark59
مشاركات: 2814
اشترك في: الأحد 2007.8.26 9:56 pm
مكان: بيريطانيا مدينة بيرمنجهام

رد: الدرس اليومى بعد صلاة الفجر فى بيرمنجهام من بشرى مبارك إدريس

مشاركة بواسطة mubark59 »

السلام علييكم احبابنا من الاهل ومن الاقارب والاصهار والاخيار من الزملاء من اصدقاء الغربة وممن يتابعوننا فى الفيس بوك وفى المنتديات التى نشارك فيها ، احييكم تحية صباحية واتمنى ان تجدكم على اتم الصحة والعافية ونتواصل وانا سعيد سعادة لا توصف بهذا التواصل والذى اسال الله ان يتمد الى جنة عرضها السموات والارض اعدت للمتقين .
اليوم الحديث من مسجد الووم رووك بيرمنجهام والشيخ عبدالجليل الباكستانى والحديث من حديث عائشة ام المؤمنين رضى الله عنها عن اخر حديث رسول الله صل الله عليه وسلم قبل انتقاله الى الرفيق الاعلى ، فإلى الحديث وشرحه :
أريد معني حديث الرسول صلي الله عليه وسلم(الصلاة الصلاة وماملكت أيمانكم)
الإجابــة
خلاصة الفتوى.
معنى الحديث المذكور في السؤال أي الزموا الصلاة وداوموا على إقامتها في أوقاتها على الوجه المطلوب شرعا، واتقوا الله فيما تحت أيديكم من إنسان مملوك أو حيوان فارحموه وأدوا حقه من إنفاق ونحوه، وأدو حق الله فيه كالزكاة في الحيوان.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن معنى الحديث المذكور هو تأكيده صلى الله عليه وسلم على المحافظة على الصلاة وإقامتها في أوقاتها على الوجه المطلوب، فكأنه يقول الزموا الصلاة أو أقيموا الصلاة بالمحافظة عليها والمداومة على حقوقها كما تضمن الحديث أيضا الحث والتأكيد على وجوب مراعاة حقوق المملوك سواء كان إنسانا أو حيوانا. ولفظ الحديث المشار إليه هو كما في سنن ابن ماجه عن أم سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في مرضه الذي توفي فيه: الصلاة وما ملكت أيمانكم، فما زال يقولها حتى يفيض بها لسانه وصححه الألباني.
ورواه أبو داوود عن علي رضي الله عنه بلفظ آخر قال: كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم. وهو صحيح أيضا كما ذكر الألباني. قال في عون المعبود على شرح سنن أبي داود عند شرح هذا الحديث الصلاة الصلاة. بالنصب على تقدير فعل أي الزموا الصلاة أو أقيموا أو احفظوا الصلاة بالمواظبة عليها والمداومة على حقوقها
( اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم ) قال في النهاية يريد الإحسان إلى الرقيق والتخفيف عنهم ، وقيل أراد حقوق الزكاة وإخراجها من الأموال التي تملكها الأيدي وقال التوربشتي الأظهر أنه أراد بما ملكت أيمانكم المماليك ، وإنما قرنه بالصلاة ليعلم أن القيام بمقدار حاجتهم من الكسوة والطعام واجب على من ملكهم وجوب الصلاة التي لا سعة في تركها . وقد ضم بعض العلماء البهائم المستملكة في هذا الحكم إلى المماليك. انتهى
والله أعلم
أضف رد جديد

العودة إلى ”قطاف إسلامية“