السد النوفمبرى
مرسل: الأربعاء 2008.11.12 2:08 pm
الشـعب السـوداني يعـرف المبـاعث والأسبـاب
إن كثيراً من شعوب العالم تعرف أسباب معاناتها وتدرك أبعاد مشاكلها ... ومن هذه الشعوب يأتي الشعب السوداني في مقدمة الذين يعرفون مباعث هذه المشاكل .. بل هو يدري يقيناً محركاتها ؛ وغاياتها وعناصر افتعالها ؛ بل وكثير منها لازمته قبل الاستقلال . كثير منها بقى بعده يتفجر بين آونة وأخرى ...
مرةً في صورة تمرد لأحدى فصائل الجيش منذ ما قبل الاستقلال .ومرات في صورة انقلابات عسكرية تقتصر أو تطول حيناً من الدهر . وآونة أخرى في صيغة استنزاف طويل يحمل ملامح حرب أهلية ... وما هو ... هي ... ولكنه يشكل مظهرياً منظور البيت المتقسم والأسرة المتحاربة فيجد له من خارجه معيناً ومحّرضاً وداعماً ... فلا هو ينتصر لاستحالة النصر عليه ؛ ولا هو بمنهزم لأن جيوب تظهر هنا وتختفي هناك تبعاً لظروف مددها الخارجي ومدى استمالاته لها ..ولا هو مستقر يشارك في السلام والأمن ويفتح الطريق للتنمية .
وجاء العسكر ... تعرض تواصل الأجيال في السودان ... إلى ثلاث فواصل عسكرية ومدنية... كان لكل واحدٍ منها أثر سلبي وضرر مقيم على المسيرة الديمقراطية ... ففي 17نوفمبر 1958م أبطل انقلاب الفريق " إبراهيم عبود " ... رحمه الله . مشروعية الصراع الوطني الديمقراطي وحلّ الأجهزة المنتخبة ومنعها بالقوة من إصدار قراراتها الناشئة بين حكومة السيدين ... السيد عبد الرحمن المهدى والسيد "علي الميرغني " .... برئاسة الاميرالاى ... عبد الله بك خليل " رحمه الله . والمعارضة الحزبية ... التي كان يقودها الحزب الوطني الاتحادي برئاسة الرئيس " إسماعيل الأزهري " . كان عمر الممارسة الديمقراطية أربعة سنوات . وعمر الاستقلال ثلاث سنوات تنقص شهراً واحداً . وقد تمكن هذا الفاصل الذي عّمر ستة أعوام . من أن يوقف النبتة الديمقراطية ...وهي لم تزل غضة طرية وحرمت الأجيال المعاصرة من تعليم وتعلم وممارسة الشورى وإتقان العمل المؤسسي وفنون المزاولة الديمقراطية وتمليكها للجماهير بالتوعية والتعبئة . وقبعت التجربة اليافعة في سجن النظام العسكري الأول ليطويها النسيان وتتخلخل قواعدها في البنية السودانية تضفي الحماية والسلامة لخصومها وتحول بينهم وبين الهزيمة التي أوشكت أن تحيق بهم . فلولا الجدار العسكري الذي أحيط بهم لقطع دابر التدخل الطائفي في السياسة السودانية ولسقط إلى الأبد ظاهرة - النفاق السياسي - الذي صحب التجربة الديمقراطية معكراً صفاءها ومقيداً خطوها .. ومثقلاً ظهرها كوزرٍ وبيل . اكتمل خلال سني الانقلاب الأول صناع الاستقلال وشاخ بعضهم ... وفوجئت القواعد الشعبية برجال الجيش يمارسون مخاطبة الجماهير بنبرات عسكرية ويصدرون قرارات فورية . ويأمرون بقيام
ويعقدون هيئات تشريعية وينصبون من أنفسهم حكاماً عسكريين على المديريات . يأمرون وينهون ويقيمون ويقعدون بأوامر شفهية ومراسيم فردية تنهال في مدٍ غامر يتجزر معه العمل الجماعي وتضمحل المشاركة ويتلاشى شيئاً فشيئاً المظهر الديمقراطي الوليد !! ويشاهد رواده في السجون والمعتقلات ...
ويتعرض آباء الحركة الوطنية للنقد الجارح والإهمال المميت ويتحطم كل شئ في نفوس الذين صارعوا الاستعمار وأخرجوه وينقصهم شئ في عقولهم وتختلط أشياء في أفكارهم ويتمزقون بين حاضرهم وماضيها فتعمى الرؤية لمستقبلهم ويسدل عليها ستار كثيف هاهي الطرق التي سلكوها والتضحيات التي بذلوها والمعادلة التي ألفوها تختفى كلها من بين أيديهم ولا يبقى الا الصمت والطاعة ... صفتان لا تتلاءمان مع حيز الحرية التي اكتسبوه الجهر بالرأي الذي تعودوه ... ويبذل المجتمع وتشاركه الذبول نبتة الديمقراطية ولكنها لا تموت .... الحكـم النوفمـبري لـم يـكن فظـا وبما أن عهد الفريق عبود ... كان فترة تسليم وتسلم فانه لم يكن ديكتاتورياً فظاً ، ولا قاسياً غليظاً ... إلا في قتلة لخمسة ضباط حاولوا الإطاحة به وأخفقوا واستسلموا بلا مقاومة ... فليس إلى قتلهم من سبيل ... وضرب الأنصار بالنار في أحداث المولد .
إن كثيراً من شعوب العالم تعرف أسباب معاناتها وتدرك أبعاد مشاكلها ... ومن هذه الشعوب يأتي الشعب السوداني في مقدمة الذين يعرفون مباعث هذه المشاكل .. بل هو يدري يقيناً محركاتها ؛ وغاياتها وعناصر افتعالها ؛ بل وكثير منها لازمته قبل الاستقلال . كثير منها بقى بعده يتفجر بين آونة وأخرى ...
مرةً في صورة تمرد لأحدى فصائل الجيش منذ ما قبل الاستقلال .ومرات في صورة انقلابات عسكرية تقتصر أو تطول حيناً من الدهر . وآونة أخرى في صيغة استنزاف طويل يحمل ملامح حرب أهلية ... وما هو ... هي ... ولكنه يشكل مظهرياً منظور البيت المتقسم والأسرة المتحاربة فيجد له من خارجه معيناً ومحّرضاً وداعماً ... فلا هو ينتصر لاستحالة النصر عليه ؛ ولا هو بمنهزم لأن جيوب تظهر هنا وتختفي هناك تبعاً لظروف مددها الخارجي ومدى استمالاته لها ..ولا هو مستقر يشارك في السلام والأمن ويفتح الطريق للتنمية .
وجاء العسكر ... تعرض تواصل الأجيال في السودان ... إلى ثلاث فواصل عسكرية ومدنية... كان لكل واحدٍ منها أثر سلبي وضرر مقيم على المسيرة الديمقراطية ... ففي 17نوفمبر 1958م أبطل انقلاب الفريق " إبراهيم عبود " ... رحمه الله . مشروعية الصراع الوطني الديمقراطي وحلّ الأجهزة المنتخبة ومنعها بالقوة من إصدار قراراتها الناشئة بين حكومة السيدين ... السيد عبد الرحمن المهدى والسيد "علي الميرغني " .... برئاسة الاميرالاى ... عبد الله بك خليل " رحمه الله . والمعارضة الحزبية ... التي كان يقودها الحزب الوطني الاتحادي برئاسة الرئيس " إسماعيل الأزهري " . كان عمر الممارسة الديمقراطية أربعة سنوات . وعمر الاستقلال ثلاث سنوات تنقص شهراً واحداً . وقد تمكن هذا الفاصل الذي عّمر ستة أعوام . من أن يوقف النبتة الديمقراطية ...وهي لم تزل غضة طرية وحرمت الأجيال المعاصرة من تعليم وتعلم وممارسة الشورى وإتقان العمل المؤسسي وفنون المزاولة الديمقراطية وتمليكها للجماهير بالتوعية والتعبئة . وقبعت التجربة اليافعة في سجن النظام العسكري الأول ليطويها النسيان وتتخلخل قواعدها في البنية السودانية تضفي الحماية والسلامة لخصومها وتحول بينهم وبين الهزيمة التي أوشكت أن تحيق بهم . فلولا الجدار العسكري الذي أحيط بهم لقطع دابر التدخل الطائفي في السياسة السودانية ولسقط إلى الأبد ظاهرة - النفاق السياسي - الذي صحب التجربة الديمقراطية معكراً صفاءها ومقيداً خطوها .. ومثقلاً ظهرها كوزرٍ وبيل . اكتمل خلال سني الانقلاب الأول صناع الاستقلال وشاخ بعضهم ... وفوجئت القواعد الشعبية برجال الجيش يمارسون مخاطبة الجماهير بنبرات عسكرية ويصدرون قرارات فورية . ويأمرون بقيام
ويعقدون هيئات تشريعية وينصبون من أنفسهم حكاماً عسكريين على المديريات . يأمرون وينهون ويقيمون ويقعدون بأوامر شفهية ومراسيم فردية تنهال في مدٍ غامر يتجزر معه العمل الجماعي وتضمحل المشاركة ويتلاشى شيئاً فشيئاً المظهر الديمقراطي الوليد !! ويشاهد رواده في السجون والمعتقلات ...
ويتعرض آباء الحركة الوطنية للنقد الجارح والإهمال المميت ويتحطم كل شئ في نفوس الذين صارعوا الاستعمار وأخرجوه وينقصهم شئ في عقولهم وتختلط أشياء في أفكارهم ويتمزقون بين حاضرهم وماضيها فتعمى الرؤية لمستقبلهم ويسدل عليها ستار كثيف هاهي الطرق التي سلكوها والتضحيات التي بذلوها والمعادلة التي ألفوها تختفى كلها من بين أيديهم ولا يبقى الا الصمت والطاعة ... صفتان لا تتلاءمان مع حيز الحرية التي اكتسبوه الجهر بالرأي الذي تعودوه ... ويبذل المجتمع وتشاركه الذبول نبتة الديمقراطية ولكنها لا تموت .... الحكـم النوفمـبري لـم يـكن فظـا وبما أن عهد الفريق عبود ... كان فترة تسليم وتسلم فانه لم يكن ديكتاتورياً فظاً ، ولا قاسياً غليظاً ... إلا في قتلة لخمسة ضباط حاولوا الإطاحة به وأخفقوا واستسلموا بلا مقاومة ... فليس إلى قتلهم من سبيل ... وضرب الأنصار بالنار في أحداث المولد .