قال أبي من وقتك خمس دقايق وأبيك تنجز مهمات معينة وإذا أنجزتها لك مكافئة مجزية مدى الحياة، وكل مازاد اجتهادك بالخمس دقايق هذي كلما زادت المكافئة، كيف بيكون حالك؟
ولو قالك شخص استرح دقيقة هل تبي توافقه ولا تبي ترفض لأن الفترة أصلاً قصيرة وتبي تبذل فيها قصارى جهدك والدقيقة هذي تبي تفرق من ناحية المكافئة والراحة لاحق عليها بعد الخمس دقايق؟
طيب كيف إذا كان اللي بيكافئ هو رب العالمين وله المثل الأعلى سبحانه
وفترة العمل هي لحظات قال عنها سبحانه "ويوم يحشرهم كأن لم يلبثوا إلا ساعة من نهار"
والمكافئة جنة عرضها السماوات والأرض فيها درجات بين كل درجة وأخرى مثل مابين السماء والأرض
فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
لو أدركنا هذه الحقيقة هل سنفرط في ثانية واحدة بدون ذكر أو عمل خير أو قراءة قرآن أو طلب علم أو غيره من الأعمال الصالحة
سأقوم بإذن الله بإداراج أقوال وأحوال لبعض السلف في كيفية استغلالهم للوقت والمفترض أن لا نتعجب أبداً من أحوالهم لأن هذا هو الأصل وهو المفترض بل يجب أن نتعجب من أحوالنا نحن حيث تمضي الكثير من الأوقات في أمور إن لم تضرنا فهي لا تنفعنا
أسأل الله العظيم أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته وأن يتوفانا وهو راض عنا إنه قريب مجيب
يقول الحسن البصري رحمه الله:أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشد منكم حرصاً على دراهمكم ودنانيركم ).
ونقل عن عامر بن قيس من التابعين(أن رجلاً قال له: تعال أكلمك، قال: أمسك الشمس) يعني أوقفها لي واحبسها عن المسير لأكلمك، فإن الزمن سريع المضي لا يعود بعد مروره، فخسارته لا يمكن تعويضها واستدراكها.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: (ما ندمت على شيء ندمي على يومٍ غربت شمسه نقص فيه أجلي ولم يزد فيه عملي).
قال حماد بن سلمة: (ما أتينا سليمان التيمي في ساعة يطاع الله عزَّ وجل فيها إلا وجدناه مطيعاً، إن كان في ساعة صلاة وجدناه مصلياً، وإن لم تكن ساعة صلاة وجدناه إما متوضئاً، أو عائداً مريضاً، أو مشيعاً جنازة، أو قاعداً في المسجد، قال: فكنا نرى أنه لا يحسن يعصي الله عز وجل)
قال الربيع بن سليمان: (كان الشافعي قد جزّأ الليل ثلاثة أجزاء: الثلث الأول يكتب، والثلث الثاني يصلي، والثلث الثالث ينام)
يقول المحاسبي: 'والله لو كان الوقت يشترى بالمال لأنفقت كل أموالي غير خاسر أشتري بها أوقاتًا لخدمة الإسلام والمسلمين فقالوا له: فممن تشتري هذه الأوقات؟ فقال: من الفارغين.
ويقول ابن عقيل: 'أنا الآن ابن الثمانين, والله أجد همة وعزمًا واستفادة من الوقت كما كنت وأنا ابن العشرين'.إني لا آكل الطعام كما تأكلون فقالوا له: فكيف تأكل؟
قال: إني لأضع الماء على الكعك حتى يصير عجينًا فآكله سريعًا حتى لا أضيع وقتي'
ذكر علماء التراجم في سيرة الجنيد بن محمد ، أنه حين أتته سكرات الموت ، أخذ يقرأ القرآن ، فأتى الناس - قرابته وجيرانه- يحدّثونه وهو في مرض الموت ، فسكت وما حدثهم ، واستمر في قراءته ، فقال له ابنه : " يا أبتاه! أفي هذه الساعة تقرأ القرآن؟! " . فقال : " ومن أحوج الناس مني بالعمل الصالح؟ ، فأخذ يقرأ ويقرأ حتى قُبضت روحه .
وعن ابن عساكر قال : " كان الإمام سليم بن أيوب لا يدع وقتا يمضي بغير فائدة ، إما ينسخ أو يدرس أو يقرأ ، وكان إذا أراد أن يعدّ القلم للكتابة حرّك شفتيه بالذكر حتى ينتهي من ذلك " .
قال الإمام ابن عقيل : " إني لا يحل لي أن أضيّع ساعة من عمري ، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة ، وبصري عن مطالعة ، أعملت فكري في حال راحتي وأنا على الفراش ، فلا أنهض إلا وخطر لي ما أسطره .
حتى في الأنفاس الأخيرة يجدون يجتهدون في تحصيل العلم النافع ،
الإمام ابن جرير الطبري تُذكر له فائدة وهو على فراش الموت فيدعوا بالمحبرة والصحيفة ، فيُقال له يا إمام في هذا الوقت ، فيقول لا ينبغي لطالب العلم أن يدع اقتباس العلم حتى الممات ،
ابن مالك صاحب الألفية من شدة حرصه على العلم انه في يوم موته حفظ سبعة أبيات في شواهد للنحو لقنه إياها ابنه ،
يقول ابن القيم أيضاً حدثنا شيخُنا ابن تيمية انه أُصيب بمرض فقال له الطبيب إن مطالعتك وقرأتك تزيد في مرضك ، قال لا استطيع ، طلب منه ان يهدى ويأخذ إجازة أياماً ، قال لا استطيع