جميل ماخطه بنانك حروفك تاخذك في مسارات الدهشة
وسرد يجعلك تزور الشواطئ وانت حافي لتفتش عن اصداف تحمل في جوفها الابداع
وتجعله مكتوب حكرا عليك تقبل مروري واعجابي بما اتحفتنا به
وتحياتي لجميع ابطال حكاياتك
فلاش باك:-
كما ذكرنا سابقاً هم مجموعة من الأصدقاء في مقتبل العمر جمعت بينهم الحياة وكثير من القواسم المشتركة
كانوا لايفترقون الا نادراً ولايغيبون عن بعضهم البعض الا لظروف قاهرة
ويتنادون في مابينهم بكلمة (ياهوا) ويردون على النداء بــ (نعم ياهوا) وهكذا
حتى اشتهروا عند جميع من يعرفهم بإسم (شــلة الأهــويـة).
فلاش باك تاني:
من شلة الاهوية (5) .......... حيث لم تأتي صديقته معه في هذه الرحلة لظروف ألمت بها
فجلس وحيداً مع عودهـ استعداداً للحن جديد حتى اقتربت منه ( سفانا ) وكان هذا اسمها ...
جلست قربه وتناولت العود وصارت تمرر أناملها على أوتارهـ فتصدر نغمات غير متناسقة
ولكنها تدل على محاولات سابقة لتعلم العزف
وكانت ترمقه بنظرة لم يستطيع عقله ترجمتها
فقد حملت حنان آسر وتهديد مميت وإعجاب راقي وإغراء سافر وإحتياج مفرط
ولم تبعد عينها منه وتسأله :
هي : أنفع أعزف العود ؟؟
هو : والله عايزة ليك تمرينين تلاتة وحالك يظبط
هي : ضاحكة ... والتمرينين تلاتة ديل البديني ليهم منو ؟؟
هو : أول حاجة مفروض يكون عندك عود وبعد داك اي زول عازف ممكن يعلمك
هي : انا عايزاك انت تعلمني .... عندك مانع ؟؟
هو : انا ماعندي مانع بس الحاجة دي عايزة زمن وتفرغ وانا ماعارف ظروفك شنو
هي : ياسيدي لو على التفرغ انا الحمدلله هسه متفرغة تماماً والزمن عندي راااااقـد
هو : بإستغراب .. هسه متفرغة ؟؟؟ يعني ماكنتي متفرغة زمان ولا كيف ؟؟
هي : بالضبط لأني زمان كنت متزوجة وهسه بقيت حرة طليقة اعمل العايزاهو
هو : مطلقة ؟؟؟؟ معقول انتي كنتي متزوجة ؟؟؟ ومعقول تتطلقي ؟؟ دا منو الماعندو عقل دا ؟؟
هي : بصوت خافت وهي تلتفت الى مكان جلوس الشلة ... براحة سعاد ماتسمعك ..
هو : سعاد دخلها شنو ؟
هي : برنة حزن تخترق الفؤاد .. سعاد هي سبب طلاقي
هو : بدهشة كبيرة ... كيف الكلام دا والحاصل شنو ؟؟
هي : والدموع تسيل بهدوء على وجنتيها ... مافي داعي هسه .. لكن اوعدك بكرة ألاقيك وأحكي ليك
بس الحأحكيهو ليك ماحكيته لأي زول والله العظيم
مر باقي اليوم ثقيلاً على (ياسر) فقد كان لكلامها الأثر البالغ في تعكير مزاجه حتى بانت على محياه مسحة من الحزن الممزوج بالحيرة والاندهاش وعدم الارتياح واتى الليل وجمع الشباب اشياءهم وتوجهوا بالحافلة رجوعاً و(سفانا) تجلس بجانبه في المقعد الملاصق في صمت تام حتى وصلوا الى مداخل المدينة فبدأت تسأله عن كيف يلتقون ومتى يكون لقائهم فأخبرها بقاعدة ثابتة لديه وهي أنه لاينتظر أي شخص أكثر من عشرة دقائق زيادة على الموعد المحدد فابتسمت وحددوا آخر الاسبوع التالي موعداً للقاء في احد الأماكن العامة بالخرطوم وكان الوقت المفضل لدى (ياسر) دائماً هو السادسة والنصف مساءً.
كان (ياسر) مستغرباً من انشغاله الغير طبيعي بها وفي نفس الوقت كان متأكداً من انها تخفي سراً كبيراً لم تبح به لأحد من قبل وقد رأت فيه شخصاً يمكنها الوثوق به رغم لقائهم الذي دام ستة ساعات فقط.
وكان طيلة الاسبوع التالي يفكر فيها بشكل متواصل ويتخيل ماحدث لها ويفكر في (سعاد) التي هي صديقة حميمة لأحد أفراد (شلة الأهوية) ويراجع سلوكها وإحتمالات دورها في الموضوع وانتبه انها غير معروفة كفاية لدى الشلة حيث لم تتجاوز معرفتهم بها ثلاثة أشهر وفي كل مرة لايصل لنتيجة واضحة وأخيراً قرر ترك الأمر هكذا حتى يسمعه من صاحبته .
في الموعد المحدد كان بكامل زينته يقف منتظراً (سفانا) التي اتت تتهادى من الناحية الأخرى للمكان وخيوط النورتتسرب خلسة من بين غصون الاشجار وتنعكس على جبينها وبشرتها البيضاء وهي تقترب بخطوات هادئة وثابتة وعلى شفاهها ابتسامة طفلة بريئة وفي عيونها فرحة وإندهاش كأنها عروس تُزف الى عريسها المرتقب .
جلسوا سوياً على ركن قصي من المكان وطلبوا ماتيسر لهم ثم راحوا يتذكرون احداث تلك الرحلة التي جمعتهم لاول مرة ويعلقوا على كل فرد من الشلة والمكان والمزرعة وسائق الحافلة وكل شيء حتى وصلوا الى نهاية الرحلة وبدأت (سفانا) تحكي قصتها وقالت : كنت المدللة في بيتنا وبين اخواتي البنات كان ترتيبي الأخير لذلك وجدت كل رعاية واهتمام من الجميع وارتدتُ المراحل التعليمية المختلفة بتفوق الى أن وصلت الجامعة وكان أول لقائي بـ (سعاد) التي كانت أعز صديقاتي ولكنها كانت مختلفة عني في تصرفاتها حيث كانت لاتهتم لردة فعل الناس على تصرفاتها المختلفة بل تتحدى الجميع لتثبت انها حرة ولا أحد يلزمها بشيء وفي يوم من الايام وبعد التخريج بشهرين اتت الى منزلي احدى صديقات أمي وخطبتني لإبنها ورغم استنكاري لأسلوب وطريقة الخطبة الا انه وبعد ستة أشهر كان هو الرجل الوحيد في حياتي حيث وجدتُ فيه كل ما أتمناه وتتمناه أي فتاة في عمري وتم زواجنا كأحسن مايكون وقام هو بشراء المنزل المقابل لمنزلنا وأصلحه وصار قصراً بكل ماتحمل الكلمة من معاني وسجله بإسمي وكنت أكثر سعادة عندما أخبرني الطبيب أنني أحمل طفل بداخلي هو ثمرة زواجي السعيد .
وطيلة خمسة أشهر هي عمر زواجي كان زوجي يتغيب كثيراً لظروف عمله التي تضطره احيانا للسفر خارج البلاد وكانت (سعاد) تأتي الى منزلي بإستمرار وتمتد زيارتها احياناً الى المبيت معي يومان وثلاثة وهكذا ... وفي بعض الاحيان كانت تأتي مع أحد أصدقائها الكثيرين ويوصلها الى باب بيتي ويذهب في حال سبيله أو يعود لأخذها أو يأتي أحد آخر ليرجعها في رحلة العودة وهكذا حتى أتت ذات يوم وزوجي بالخارج ومعها أحدهم وطرقت الجرس وفتحتُ أنا الباب وتفاجأتُ بأنها اصطحبت معها أحدهم وتريد إدخاله الى المنزل وطلبت مني ذلك في إلحاح بدعوى أنه في حكم خطيبها الجديد ويريد التعرف بها اكثر وانها لم تجد مكاناً أفضل من بيتي لكي يتم التعارف بحكم انني صديقتها العزيزة وهكذا فـ سمحتُ له بالدخول على مضض وكانت هذه غلطتي الأولى والأخيرة .
تكررت زيارات (سعاد) مع ذلك الرجل الى بيتي وكنت ألاحظ أشياء تحدث بينهم لاأستطيع سردها لك لأنها لاتحدث الا بين الازواج وكنت أستغرب من ذلك ويتملكني الخوف أن يعرف زوجي بها وفي نفس الوقت أخاف أن أصارحها فتتضايق إلى أن أتى يوم من الأيام وكان زوجي بالخارج وإستعارت مني (سعاد) أحد الثياب المحببة الى نفسي وذهبت به في مشوار مع ذلك الرجل وأعادته وأتى زوجي بعد ساعات منزعجاً وسألني هل كنتي بالخارج فقلت لأ .. ولم يقتنع وراح يبحث في خزانة الملابس الخاصة بي لكنه لم يسألني ثانية.
مر على هذا الحدث ثلاث أسابيع الى أن طرق الباب في وقت متأخر من الليل في أحد الأيام الشتوية الباردة وفتح زوجي الباب وكان الطارق هو ذلك الرجل صديق (سعاد) وكان في حالة سُكر وهيجان شديد وكان يصيح بأعلى صوته حتى ان الجيران والمارة بالشارع يسمعونه وكان ينادي بإسمي (سفانا) وينعتني بأقبح الألفاظ ويصفني بالخائنة والسارقة وينعت زوجي بأنه عاجز جنسياً وأنه ليس برجل وماكان من زوجي الا أن صفعه على وجهه ورماه على الأرض وأتى الجيران وأمسكوا به لكنه استطاع التخلص من قبضتهم وضرب زوجي بأداة حادة على وجهه وركض بإتجاه سيارته ولاذ بالفرار .
دخل زوجي الى المنزل والدماء تسيل من وجهه على جميع جسمه وهو في حالة غضب وثورة هائلة واتهمني بماقاله الرجل وانني على علاقة به وأنه رآني بعينه أجلس معه في احد الكافتيريات مرتدية ثوبي الفلاني (ذلك الذي استعارته مني سعاد ) وانني كذبت عليه عندما سألني أن كنت بالخارج ومع كل الاتهامات والشتائم كنت انا مزهولة من الموقف ولم استوعب مايقوله وكنت واقفة أمامه كالصنم الذي لايحس بشيء وأسرع هو الى بيت اهلي المقابل لمنزلنا واتى بأخواني وأبي وطلقني امامهم ورماني في الطريق كالخرقة البالية امام جميع سكان الحي مما أدى الى إصابتي وتم نقلي في حالة إغماء الى المستشفى حيث نزلت مني أول دمعة بعد هذه المأساة حين أفقت وأخبروني بضياع الجنين وكل الأحلام الجميلة وكانت (سعاد) هي سبب ذلك حيث أخبرت صاحبها ان اسمها (سفانا) وانها متزوجة وانني صاحبتها واقيم معها بالمنزل وان منزلي هو منزلها وان زوجها - الذي هو زوجي - مريض ولايستطيع القيام بدوره معها كرجل وانها تريد الطلاق منه لهذا السبب وقد ابتزته كثيراً في مبالغ ضخمة ثم اختفت من حياته فأتى هو بحثاً عنها في مايتخيله بيتها وحدث ماحدث ولم أخبر (سعاد) الى الآن بسبب طلاقي أما زوجي فقد غادر البلاد الى دولة أفريقية ونقل أعماله اليها وتزوج واستقر فيها ولا يعلم حتى الآن اني بريئة من ظنه الآثم واني لم أخنه أبداً سوى بدخول (سعاد) الى بيتي .
أما بالنسبة لي فأنا كنت ولازلت أنتظر يوم ألتقي فيه بذلك الرجل ومن ثم أصطحبه الى منزلها وأفضحها امام أهلها بالحقيقة الكاملة وحينها فقط أبدأ فعلياً بالبكاء على أطلال حياتي المحطمة .
* تم تغيير الاسماء في هذه القصة لأسباب خاصة
* ارجو شاكراً عدم نشرها أو نسخها
لم أكن أعلم بروعة شلتكم إلا في زيارتي الأخيرة معك للسودان.. اليوم فقط عرفت تماماً حقيقة (سافانا) وعرفت معنى الود والإخاء بينكم منذ الرحلة النيلية التي أقاماتها لكـ...
لم أكن أعلم بروعة شلتكم إلا في زيارتي الأخيرة معك للسودان.. اليوم فقط عرفت تماماً حقيقة (سافانا) وعرفت معنى الود والإخاء بينكم منذ الرحلة النيلية التي أقاماتها لكـ...
الجيو يازول يانيل ... كيفنك وأريتك فاين
عندما يتجاوز الإحساس حدود الصداقة يتجلى الإخاء في أروع صورهـ
هذا ماحدث لنا وعشناه حقيقة على أرض الواقع شلة الأهوية من أروع الشخصيات التي لاتكفي جميع صفحات البورد للكلام عنهم
تحياتك وصلت ولك منهم مثلها وأكثر
التشويق هو مايعطي للذكريات طعمها ولونها الشفاف
وكلما زادت الذكرى عمقاً كبر الشوق لأيامها اللذيذة الممتعة
شلة الأهوية شباب سودانيين يحملون في جيناتهم أصالة أولاد الحلة أخوان البنات
شباب عادي وحقيقي يتجول في الأسواق ويتزوج النساء ويرد التحية بمثلها أو أحسن منها
كانوا ولازالوا يحبون بعضهم بعضاً ويتواصلون رغم هجرة عدد منهم الى المنافي والشتات
لكن يبقى الإسم والتفاصيل كما هي دوماً مهما طال الزمن
