يوميات سائق ركشة

يحتوي على كل أنواع القصص والأحداث الواقعية الشخصية .

المشرف: بانه

أضف رد جديد
صورة العضو الرمزية
نوركم
مشاركات: 241
اشترك في: الاثنين 2007.4.23 1:03 pm
مكان: السودان

يوميات سائق ركشة - منقوووووووول

مشاركة بواسطة نوركم »

(1)
مقدمة
أكثر ما يلفت النظر في شوارع أحياء الخرطوم الطرفية
(الضواحي طرف المدائن) هي ناقلات الركشة التي إنتشرت مؤخراً
وعلى الرغم من الضوضاء الذي تجلبها الركشة لركابها إلا أنها أيضاً تمنحك شعوراً بالخصوصية ناهيك عن إنسيابية الحركة وسرعتها فإذا كان الشارع يعاني من إختناق مروري فالركشة لها مخارج عديدة وأحياناٌُ تضطر إلى الخروج كلياًُ من الشارع فلا إنتظار ولا ضياع وقت.
وقد تفنن سائقو الركشات حالياً في تزيين ركشاتهم بشتى ضروب وأنماط الزخارف والبهرجة والزينة فتبدو كالعروس في ليلة الزفاف وثمة كراهية تقليدية قد نمت وترعرعت مؤخراً بين سائقي تلكم الركشات المزركشة وسائقي سيارات الأمجاد
ربما كانت نتيجة لمشاعر الغيرة التي تنتاب سائقي الأمجاد أحياناً لمزاحمة الركشات لهم في خطف الركاب أو لمضايقتهم في الطريق لست أدري!!!
دعوني عبر هذا البوست ألقي الضوء على سائقي الركشات والمفارقات التي تعتريهم يومياً مع جموع الركاب ومشاويرهم التي لا تنتهي.

وقفت سهام مع صديقتها روان على قارعة الطريق في مكان قصي بلفة الكلاكلة
وقد فرغن على التو من التسوق في ذلك السوق العجيب الذي يقصده القاصي والداني وفجأة مرت ركشة زاهية الألوان قد تم زركشتها بعناية فائقة حتى السائق قد تأنق في مظهره وقد إرتدى قميصاً (نص كم) كُتب عليه من ناحية الأمام عبارة (ياهو ده السوادن) ونقش على أسفله خارطة مصغرة للسودان وتوقفت الركشة أمام البنات وأخرج السائق رأسه من على النافذة وقال لهن: " ماشات وين يا بنات؟ صنقعت وللا كلاكلة شرق" فقالت سهام وهي تحمل أكياس البلاستيك التي كانت قد

وضعتها على الأرض:
" لا يا أخوي أنحن ماشات التعويضات، تودينا بي كم يا إنت؟ فقال سائق الركشة وهو يلقي نظرة عجلى لساعة كانت قد زينت معصمه:" التعويضات ما بعيدة شوية أنا عايز أحصل الصلاة قوام،،، يللا تعالن بأخذ منكن ثلاثة ألف بس" فقالت سهام لروان وهي تهم بالصعود:" عليكي الله خلينا نتخارج من السخانة دي،، ما تركبي شنو مالك واقفة بتعايني لي كدة،،،
ما مشكلة إن شاء الله أربعة ألف عشان نلحق نطبخ الغداء"
إنطلقت الركشة في طريقها إلى التعوضات وهي تلتوي بين منعطفات الطرقات الترابية منها والمسفلت كالحية الرقطاء بينما إستلقت سهام وقد وضعت أكياس البلاستيك تحت ذراعيها وقالت وهي تخاطب روان:
" روان تذكري محاسن الشايقية اللي كانت بتقرأ معانا في الأساس؟
فقالت روان وهيتضع طرف التوب الذي تهدل من على رأسها:
كيفن ما بعرفها وكنا قاعدين نسميها محاسن رياضيات لأنها كانت فقرية في الرياضيات ومجضمتها لامن غلط ،،،،
لكين ما قلت لي يا أختي مالها محاسن حصل ليها حاة لا سمح الله"
فقالت سهام:" حصل ليها الهناء والسرور عرسها عقبال عندك يوم الخميس الجايي في الشقيلاب" فقالت روان مستغربة:" عليكي الله،،، مشاء الله ومنو سعيد الحظ ده"
فقالت سهام :" والله أنا ما عرفة إسمو لكين حسب الشمار الجاني أظنو والله أعلم قالوا واحد مغترب في الإمارات وقالوا عريس مرطب شديد" فقالت روان متهكمة:" يا أختي المغتربين الأيام دي بقوا موضة قديمة إنتي قايلة القبة فيها شيخ؟"
فقال سائق الركشة وقد أعجبه رد روان:" والله كلامك صح يا أختي الواحد فيهم ما عنده حاجة ويقعد يتسوى ما عارف كيف ويتقندف على الفاضي والله نحن ناس الركشات ديل الواحد يوميته أحسن من يومية أجدع مغترب،،،، يا زولة الإغتراب ده كان زمان في الثمانينات" فقاطعت سهام سائق الركشة قائلة: " والعجيبة كمان يا روان أختي تعالي نقولي ليكي،،،
أنقري جايبين منو من الفنانين في العرس ما حتصدقي؟
فأجابت روان:" حيكونوا جايبين منو يعني ود الأمين والله وردي؟
فقالت سهام:" أيوة يا أختي أتريقي ذي ما إنت عايزة
لكين الفنانين الكبار ديل حسع ما قاعدين يجبيوهم في أعراس ،،،،
تشوفيهم بس في التلفزيون والقنوات الفضائية "
فقالت روان وقد ضاقت ذرعاً من الشمار:
"طيب يا أختي قولي لينا إنتي حيكونوا جايبين منو يعني؟"
فقالت سهام:" جايبين أحمد الصادق مرة واحدة إيه رأيك؟
فقالت روان وهي تكتم نبرات الضحك:
" طيب إيه رأيك لو قلت ليكي أنا ما عارفة فنان بالإسم ده؟"
فقالت سهام وقد إستشاطت غضباً:
" أجي يا أخواني!! بتبالغي عديل كدة يا روان!!
حرام عليكي،،، معقولة ما بتعرفي تيمان الصادق أحمد وحسين"
فقالت روان:" بري يا يمة الله يقتلني كان سمعت بيهم
وبعدين أنا الفنانين الشباب ديل قاعدين يجيبو لي الضغط والسكري بعيد عنك"
فقال سائق الركشة يخاطبهن:
" يا بنات نحن وصلنا التعويضات نازلات وين؟
فقالت سهام وهي تهم برفع الأكياس:
" أول لفة على اليمين لوسمحت"
نواصل في حلقة أخرى
صورة العضو الرمزية
نوركم
مشاركات: 241
اشترك في: الاثنين 2007.4.23 1:03 pm
مكان: السودان

رد: يوميات سائق ركشة

مشاركة بواسطة نوركم »

(2)
وقفت سكينة محتارة في سوق الكلاكلة شرق وهي تتأمل شتى صنوف البضائع المعروضة في أرفف المحلات وأخذت تسائل نفسها في سرها مرددة:
" حسع الواحدة تشتري شنو لي نعمات بت أختي في سماية ولدها؟ إشتري ليها فتيل ريحة ولبسة للمولود الجديد؟ ويا ربي القروش المعاي دي حتكفي؟
وبينما كانت مستغرقة في دوامة الحيرة والتردد ضربتها صديقتها ست النساء من كتفها وهي تقول لها:" إنتي يا المهجومة الجابك هنا شنو جنك حوامة في الأسواق!! فقالت سكينة وهي تعانقها في شوق بالغ:" ووب عليّ والله هجمتيني بالجد لامن فكيتي صواميل عقلي إزيك يا ست النساء وكيفن الوليدات وأبوهم وأخبارك شنو بالله؟ فقالت ست النساء وهي تضع حقيبتها على الأرض:
" الحمد لله كويسين وما عندنا عوجة تب،،، ومالك بي جايي؟ فقالت سكينة وهي تخرج حقة الصعوط من جيبها: " والله يا بت أمي إنت بنت حلال مصفى،، وجيتي في وقتك،،، أنا بي صراحة كنت محتارة أشتري شنو لي بنت أختي نعمات في سماية مولودها الجديد،،، وكنت محتارة أشتري ليها شنو!!
إنت رأيك شنو؟ آخذ ليها شنو؟ إنتي شايفة شنو الحاجة المناسبة؟
فقالت ست النساء وهي تتناول منها حقة الصعوط وتضع سفة في فمها وتلوكها:" يا أختي ما تكلفي نفسك شديد،،، أي هدية رمزية والسلام،، والله أقول ليكي،،، أحسن تشتري ليها لبسة معتبرة لي مولودها الجديد،،، حاجة كدة تذكار عزيز" فقالت سكينة: " والله لخمتيني يا إنتي ونسيت أسألك،،، إنت ماشة وين مع صباح الرحمن كدة؟ فأجابت ست النساء:" أبداً ،، أنا كنت جاية أصلح ساعتي في المحل القدامك ده،،، خلاص إنتي إشتري اللبسة وخليني أصلح الساعة دي في دقائق عشان نمشي سوى"

عندما قضين حوائجهن في السوق وقفت سكينة وست النساء في طرف الطريق في إنتظار المواصلات وفجأة أقبلت ركشة تفج الطريق وتثير الأتربة والغبار فأوقفنها وصعدن على متنهاوإستغرقن في تجاذب أطراف الحديث.

سألت ست النساء سكينة عن صاحبتهن نفيسة التي تقطن في العزوزاب قائلة:
" إنتي يا سكينة صحي نعمات طلقوها والله شمار ساكت" فقالت سكينة وهي تستعدل في جلستها:" والله أخير ليها الطلاق من الراجل السجم اللي كانت متزوجاه،،، لا شغل لا مشغلة وقاعد ليها في البيت ذي الولاية والعجيبة كمان
قالوا بيسكر ويشرب بنقو عليكي الله جنس الراجل ما أخير منو الطلاق والواحدة مننا دايرة شنو غير ستر الحال" فقالت ست النساء وقد إعتصرتها مشاعر الحسرة:
" أبغض الحلال عند الله الطلاق لكين أنا متحسرة على الشفع يكون مصيرهم شنو الحياة صعبة يا سكينة،،، وبالمناسبة هي عندها كام ولد بالصلاة على النبي؟
فقالت سكينة: " عندها بنتين وولدين" ثم أعقبت وهي تشير إلى سائق الركشة:
" غايتوالولد الكبير قدر الولد ده بس ما عنده تفَة" فقاطعهن سائق الركشة وهو يقول غاضباً:" تقصديني أنا حاجة؟ الله يسامحك،، أنا راجل ما ولد وخاطب وعرسي في الصيف ده وإنتي تقولي علي ولد؟ وبعدين دي ما إسمها تفة دي موضة جديدة طالعة حسع إسمها قصة بيكهام؟ فقالت ست النساء متهكمة:
ودي تطلع شنو يا جنى؟ دواء جديد للملاريا؟ أسمعي يا سكينة إنتي صحي في دواء جديد قالوا طلعت في الصيدليات؟ أصلو بتي هبة يا كاف البلاء راقدة في السرير ليها يومين ما قامت" فقالت سكبنة وهي تشير إلى الخارج في طرف الشارع: " وووب علي عايني هناك يا ست النساء ديك ما روضة ست اللبن؟
فقالت ست النساء وهي تشرئب بأعناقها نحو الشارع:" آي والله ياها ذاتها المهجومة يا ربي الجابها هنا شنو؟ غايتو أقول ليكي يا سكينة المرة دي جنها حوامة عايني ليها ماشة ذي الصاروخ، ما عارفة لاحقة شنو في صباح الرحمن ده؟ غايتو مرة مطلوقة ساكت وراجلها ما عنده شخصية" فقاطعهن سائق الركشة غاضباً: " حرام عليكن إتقوا ربنا ما تخلو الخلق للخالق إنتو مالكن جنكن قطيعة إستغفر الله وأعوذ بالله بالله من غضب الله" فقالت سكينة:" يا ولد إنت حتورينا الله والحلال والحرام،، الله يسخطك إن شاء الله قول آمين،،، أنحن الحمد لله عارفين الله ونعم بالله وأنا اللي قدامك دي حاجة بيت الله ثلاثة مرات وناوية الرابعة السنة دي إن شاء الله" أنحن وصلنا دلينا هنا عليك الله وسيبك من النضم الكتير مع الركاب"

نواصل لاحقاً فترقبونا
صورة العضو الرمزية
فارس الحسناء
مشاركات: 67
اشترك في: السبت 2008.8.23 12:32 pm
مكان: السعودية

رد: يوميات سائق ركشة

مشاركة بواسطة فارس الحسناء »

فعلا اخي هذا مايجدث في الشارع السوداني
شكرا لك واتمنى منك المتابعه
وتقبل تحياتي الخالصة
صورة العضو الرمزية
waya
مشاركات: 14068
اشترك في: السبت 2007.8.11 11:15 pm
مكان: على سفر

رد: يوميات سائق ركشة

مشاركة بواسطة waya »

[grade="00008B FF6347 008000 4B0082"]الأخ الكريم ,, نوركم

تغيب عنا أيام ,, نفتقدك فيها ,, ولكن نعذرك عندما تعود إلينا حاملا روائع مثل هذه القصة وما فيها من معاني ودلالات

تشكراتي .. وخليك مواصل ونحن في المتابعة [/grade]
صورة العضو الرمزية
نوركم
مشاركات: 241
اشترك في: الاثنين 2007.4.23 1:03 pm
مكان: السودان

رد: يوميات سائق ركشة

مشاركة بواسطة نوركم »

(3)
توقف الركاش برهة أمام كافتيريا الذواقة الكائن في الصحافة جبرة وطلب سندويتش جيس بيرغر وسفن آب وأخذ يتناوله هنيئاً مريئاً وقد جلس جوار الركشة وفجأة أتاه شخص من الجالية السورية الشقيقة بالسودان يصطحب إبنه الصغير وقال للركاش:" صباح الخير صحتين وعافية إن شاء الله" فأجابه الركاش قائلاً:" الله يعافيك إتفضل معاي" فقال السوري:" شكراً أنا هلا تريقت،، دخيلك،، فيك تودينا على عفراء مول تكرم عينك ويسلمو" فقال الركاش وقد فرغ من تناول السندويتش:" حاضرين فضلوا أركبوا" وإنطلق بهم نحو عفراء مول وفي منتصف الطريق قال الركاش للسوري:" بس أسمحوا لي أنزلكم قبل النفق بي شوية عشان ممنوع الركشات تمشي بالشوارع الرئيسية" فأجابه السوري وهو يعدل نظارته التي تدلت نحو أرنبة أنفه قليلاً: "مثل ما بَدك،،، بيمشي الحال مو فرقانة معي بنوب" وأخذ السوري يدردش مع الركاش قليلاً في محاولة منه لتبديد وحشة الطريق ولقطع الملل الذي أخذ يدب في أوصاله:" ما صار فت على الشام قبل" فأجابه الركاش وهو يلقي نظرة على ساعة اليد كمن يتذكر موعداً ما:" آآآي مشيت زيارة قبل سنتين" فأعقبه السوري بسؤال آخر: " وكم ظليت هونيك" فأجابه الركاش:" ما قعدت كتير يومين بس وكنت نازل مع جماعة أصحابي في ساحة المرجة بالشام" وفجأة أخذ الطفل الصغير يدندن بصوت خفيض مقاطع من أغنية محمود عبد العزيز (حوتة):
أوه يا الأهيف أبى ما يلين من بعده ،،، صار قلبي ضنين"
فذهل صاحب الركشة وقال مستغرباً:" أسمع ولدك قاعد يغني بالسوداني"
فقال السوري:" شو ها الحكي، لكان لازم يغني بالسوداني، أصلو خلقان هون"
فسأله الركاش:" يعني كيف خلقان هنا؟ يعني خلقو ضاق هنا والله تقصد شنو؟
فقال له السوري وقد تملكته مشاعر الضحك:"
بعتذر منك مو قصدي هيك،، أقصد إنه مولود هون،،، أصلي صار لي زمان مقيم هنا في الخرطوم وعندي كافتيريا لأطباق وسندويتشات الشاوروما في الدور التاني في عفراء مول ،،، تعال وشرف عنا يوم" فقال له الركاش:" شكراً الله يخليك إن شاء تسلم والله لو ما فطرت حسع كنت حأمشي معاك أصلي بموت في الشاوروما خاصة شاوروما الدجاج وخاصة لما يكون مختوت فوقه صلصة الكاتشب والشطة"
وفجأة دنت الركشة من النفق المتاخم لعفراء مول فقال لهم الركاش:
" أنحن وصلنا تنزلوا هنا،،، كويس معاكم؟"
فقال له السوري وهو يهم بالنزول وقد تأبط أغراضاً لعله من أغراض الكافتيريا:
" الله معاك" وأخرج دنانير سودانية وناوله إياها وهو يقول:
" ما معك فراطة" فقال الركاش مستغرباً:" يعني شنو فراطة؟"
فقال له السوري موضحاً:" ما معك خردة"
فقال الركاش وقد إزدادت دهشته:
" والله كلمة فراطة كانت أخير وتطلع شنو خردة كمان:
فقال إبن السوري يخاطب والده:
" بييي هون يقولون فَكة"
فناولوه الفلوس ومضوا إلى حال سبيلهم
فيما إنطلق صاحب الركشة
وهو يقول في سره:
" عشنا وشفنا،،، قال فراطة قال"

ونواصل في حلقة أخرى
صورة العضو الرمزية
نوركم
مشاركات: 241
اشترك في: الاثنين 2007.4.23 1:03 pm
مكان: السودان

رد: يوميات سائق ركشة

مشاركة بواسطة نوركم »

(4)
مرت ساعتان بالتمام والكمال ومهند طالب الآداب يجلس مع صديقه نزار في النت كافييه في سوق لفة الكلاكلة في كابينة واحدة وهما يتصفحان كافة المواقع العنكبوتية تارة ويستمتعان بالتشدق في الجات رووم مع خلق الله وفجأة نهض مهند متكاسلاً وهو يمدد ذراعيه وقد ضاق ذرعاً من الجلوس طويلاً أمام الحاسوب وقد أدمت أعينه النظر إلى الشاشة طويلاً وقال لصديقه نزار:" يا زول كفانا كدة خلينا نفرتق من هنا" فقال له نزار وهو يسجل الخروج من الموقع ويقفل جهازه:" أنا زاتي مت من الجوع تعال نمشي نتغدى في البيت عندنا أمي الليلة عاملة ملاح مفروكة فنانة خلاص" فقال له مهند وهو يتأبط إضبارة ويهم بالخروج:" خلاص أرح أنا ذاتي مشتاق لملاح المفروكة وخاصة بالكسرة"
وبينما كانا يقفان على طرف الطريق أشار مهند لسائق الركاش فتوقف أمامهم وأخرج رأسه وقال لهما:" وين يا شباب صنقعت؟ فأجاب نزار:" آي والله محطة ثمانية لو سمحت" فإنطلقت بهم الركشة وهي تفج الطريق يمنة ويسرى"
فقال نزار مخاطباً مهند:" يا مهند يا أخوي حكايتك شنو الليلة؟ شايفك قاشر القشرة الما الخمج ومتكشف الكشفة الياها؟ فأجاب مهند وهو يلقي نظرة عجلى لهندامه البالغ في التأنق:" إنتو الواحد فيكم لازم يحقق في كل حاجة والله حاجة تحير والله" فقال له نزار وهو يلح في السؤال:" معقولة بس يا مهند!! حتدس من أخوك وحبيبك كمان،، الحكاية أكيد فيها إن،،،
إنت صحبي وفردتي وأنا عارفك ما مقطع روحك خالص في مسألة اللبس والهندت الليلة أكيد في حاجة،،،الليلة عندك موعد غرام (ديت) والله شنو؟ فأجاب مهند وقد ضاق ذرعاً من إلحاحه المريب:" أيوة خليني أريحك وأرضي فضولك ده،، الليلة في العصرية عندي ميعاد مع زميلتي في الجامعة " أفراح" في رحلة كلية الآداب في جناين الباقير،، إرتحت خلاص؟" فقال نزار وقد إعتمل بداخله المزيد من الفضول:
" معاك وين نلقى راحة،، ومنو أفراح دي وشكلها كيف ؟ حلوة سمينة والله رفيعة سمراء والله شقراء شعرها طويل والله قصير قول وأحكي لي يا مهند بالتفصيل الممل"
فقال له مهند وهو يضع الإضبارة جانباً داخل الركشة:
" حأحكي ليكم عن تباريح الهوى أصلي مجروح مرتين" فقاطعه نزار متلهفاً لمعرفة المزيد:" أيو يا مهند أخوي أحكي لي كيفن مجروح مرتين إن شاء الله ما إنت اللي بتنجرح عدوينك إن شاء الله" فقال مهند:" قابلتها في قهوة النشاط قبل يومين وحبيت إتظارف معاها وأخذت ليها سندويتش برونز وقدمتها ليها قامت قالت لي:
" أوه سوري ما بقدر أتناول الحاجات دي عندي برنامج دايت صارم وبعدين أنا خايفة من الكوليسترول" فقال نزار وهو يكتم الضحك:" أهان وبعدين؟ جبت ليها شنو الحنكوشة دي" فقال مهند:" أبداً إشتريت ليها فاجيتابل بيتزا وقالت لي ( شكراً كلك ذوق ولو ما كنت عايزاك تكلف نفسك شديد" فسأله نزار :" زهي ساكنةوين الدلوعة دي"
فقال مهند:" ساكنة في المعمورة؟ فتعجب نزار وقال:" بالله المعمورة اللي في شواطئ الإسكندرية؟ فقال مهند :" أيوة يا أخوي إتريق ذي ما إنت عايز!! يعني معقول ما سمعت بالمعمورة اللي في السودان؟" فقال نزار:" والله أول مرة أعرف إنو في حي في الخرطوم إسمه المعمورة أنا تخصص في الكلاكلات والدخينات والشقيلاب وضواحيها"
وأعقب قائلاً: أها وشكلها كيف دي؟ حلوة؟ فقال مهند:" حلوة ساكت وكفى تعرف يا نزار البت دي شبه منو؟ بتشبه البنت الأمورة اللي بتجي ناطة في قناة هارموني كل شويتين وتقول: " إعلانك في هارموني حتشوفو وحتشوفو وحتشوفو"
فقال نزار متهكماً :" والله ما كضب اللي قال " قناة هارموني إنت كملتي الفنجرية"
ثم أردف قائلاً:" إنت مالك سكت يا مهند واصل وأديني من ريدك مدد وتاني زيد الريدة حبة"
فقال له مهند مازحاً:"كلام الريد دسو علي وما تدي السهر عينيا،،،
خلي قليبي في حالو،،، مالي الريد انا ومالو،،،
وما تجيب لي موالو وماترميني في حبالو كلام الريد و اسرارو"
وأعجب سائق الركشة بهذا الحوار الغنائي وإستهواه فأخذ يجاريهم قائلاً:
" الريدة الكتيرة يا حنين شقاوة" فقاطعه نزار مخاطباً مهند مجدداً:" ما قلت لي،
وشكلها كيف بالله؟ فقال مهند:" عسل رايق مصفى وعيون كاتلانا إلفة"
فردد نزار متمتماً:" يا عسل رايق مصفّى يا تركين مليانة شطة" ثم أعقب:
" يعني تكون شكلها ذي نانسي عجرم مثلاًُ؟ فقال مهند غاضباً:
" غايتو مع احترامي وتقديري لأخوانا العرب لكين ما كضب ود اللحو لما غني وقال:
" يا ناس الجمال موجود في كل مكان لكين الجمال الأصلي في السودان"
وأبو آمنة حامد الله يرحمه لمان قال:
" بنحب من بلدنا ما برة البلد،،،
سوادنية تهوى عاشق ود بلد"
وفجأة مر بجوار الركشة عربة كارو محملة بفاكهة التفاح وأخذ صاحبها يصيح قائلاً:
" تفاح تفاح أيوة التفاح"
فقال مهند مازحاً:
" بياع بيقول تفاح تفاح ذي البيقول أفراح أفراح"
فقال له نزار ساخراً:
" النيل يا زول أصبح رحراح"
" قالوا القرد عند عين امه غزال"
فقال مهند:
" الله يسامحك يا نزار يا صاحبي
بتقول على أفراح حبييتي قرد؟
وبعدين الزولة دي زينة وعاجباني إنت الغايظك شنو؟
حسدان والله بقران؟
إنت ما سمعت أغنية لطفي شناق اللي بيقول فيها:
" اللي بيغيروا مني قالوا لي وإيش عاجبك فيها
قلت هاكو عيني شوفوا بيها"
وفجأة قال سائق الركشة:
" يا جماعة كلامكم الرومانسي ده أكيدداير ليه مزيكة صاح"
وأشغل المسجل الصغير الذي كان قد وضعه بجانبه
وأخذ أحد مطربي غرب السودان يردد:
" باردة لينا الله يتم ليها لينا للحول
ملكة جمالها ما شفت مثالها
حبيبتي البريدها في البحير في نيالا
أقبل الفاشر في طريقي للجنينة"
فقال مهند مخاطباً الركاش:
والله ده شريط كارب الفنان ده عمر إحساس والله منو؟
" فأجاب الركاش قائلاً:
" لا ده واحد طالع جديد إسمه آدم حمودة حامد"


هنا نتوقف عن الكلام المباح ثم نواصل لاحقاً
صورة العضو الرمزية
نوركم
مشاركات: 241
اشترك في: الاثنين 2007.4.23 1:03 pm
مكان: السودان

رد: يوميات سائق ركشة

مشاركة بواسطة نوركم »

(5)
لا زالت الركشة تجوب طرقات الكلاكلة المتعرجة وقد إختلط صوت محركها
المدو مع نغمات مطرب غرب السودان وهو لا يزال يردد بصوت شجي:
" الريم في الخلاء حلاتها ما أحلاها
بسمع لي النقارة هناك فوق الدارة
حليل أهلي ديل البقارة
بدور جيتك يكفيني من الوَدَار
يا ناس شوفو لي الحبيب قسيم الريد
فاطنة يا فطينة يا الله الغربة شينة"

فقال نزار مخاطباً مهند الذي كان قد إندمج مع المطرب وهو يهز رأسه طرباً:
" لكين ما تقول لي !! إيقاع كارب ومتقن
لكين يا مهند إنت ما شايف إنو بيشبه الإيقاعات الخليجية؟
ده لو سمعوه ناس فرقة ميامي الكويتية كان طوالي غنوها"
فأجاب مهند:
" إيقاع المردوم فعلاً بيتشابه مع الإيقاعات الخليجية السريعة
حتى مرة أنا سمعت الفنان الكبير عبد القادر سالم بيقول الكلام ده
في لقاء تلفزيوني"
فقاطعه نزار وهو يبتسم بسمة ماكرة:
" وبعدين تعال هنا يا لئيم إنت ما تميت لي قصة الريدة القديمة
والعاجبك شنو في بنت المعمورة دي؟ "
فقال مهند:
بنت المعمورة تاني!!! يا أخي إنت والله كرهتني العيشة وخليتني
أندم إنو حكيت ليك القصة من أساسها،،،
وعشان أريحك البنت دي بي صراحة زينة وعاجباني وتعجب كل شاعر
يلعب بالمشاعر"
فقال نزار زاجراً:
" بطل كلام الغناء ده وأحكي لي عن كل الحصل"
فقال مهند وهو يداعب خصلات شعره التي أخذت تتراقص
مع الهواء العليل:
" أول حاجة البنت دي شاعرة من الطراز الرفيع
وعندها رقة متناهية في قرض الشعر
عندها إحساس مبالغ وخيال خصب ما حتصدق كيفن!
يا أخي البنت دي أمبارح أدتني قصاصة من قصيدتها الأخيرة
حاجة ماحصلت وروعة شديدة تقول روضة الحاج بس"
فقال نزار وقد فتك به الفضول:
" عليك الله وريني القصيدة لو معاك حسع شوقتني والله"
فأخرج مهند قصاصة من جيبه وناولها لنزار لكي يطلع عليها
فتلقفها نزار بلهفة بالغة وأخذ يتلوها بصوت خفيض
وقد كتب على القصاصة القصيدة التالية:


ما بان عليك سفر العمر
لسة الربيع يا دابو زار
لسة الضفاف المترعة
بتفيض ندى وتطرح ثمار
وأنا جوة قلبى المشتهيك .. الناس عليك ناداها فال
نزفت جراحات الودار .. عيوننا نام إبتهار
جوه العيون أطفال فرح .. لمة زفاف
جوه العيون تشرق شموس .. يرحل جفاف
ندمان بتغرق فى النعيم وحنان غمر عاشقين.. رهاف
وأنا جوه قلبى كل بيت
وأنا جوه قلبى المشتهيك .. نزفت جراحات الودار
يازهرة طالت بالفرح بتاقص أنوار المساء
ما بان عليم أثر القطاف ولا جاتك أيام القساء
ما اروعك وانت الشباب
بحمرة الريد أكتسى
وانا جوه قلبى المشتهيك
وانا جوه قلبى كل بيت
نزفت جراحات كل بيت

وما إن فرغ نزار من تلاوة القصيدة أخذ يقهقه بصوت يجلجل الأسماع
فسأله مهند وقد أغضبه ذلك:
" شنو يا زول ما تضحكنا معاك!!
القصيدة مكتوبة فيها نكتة والله حكايتك شنو يا نزار السجم"
فقال نزار وهو لا يزال مستغرقاً في هستيريا الضحك:
" معقول يا مهند إنت زول اديب وطالب في الآداب ما بتعرف القصيدة لي منو؟
فقال مهند وقد إشتد غضبه:
" حيكون لي منو يعني؟
طبعاً للشاعرة المبدعة أفراح حبيبة قساي"
فقاطعه نزار قائلاً:
" يحبك برص إن شاء الله قول آمين
يا أخي حرام عليك إتقي الله،،
القصيدة دي من روائع الشاعر الكبير مدني النخلي
معقول ما سمعتها لمان غناها الراحل المقيم مصطفى سيد أحمد الله يرحمه؟
فقال مهند وقد بدا على محياه علامات الإحراج:
" في زول ما بيعرف مدني النخلي أنا قريت ليه قصائد كتيرة ذي أملنا الباقي يسرح بي،
وأسافر لي زمن تاني وقصيدته الشهيرة البيقول فيها:
" مردودة من صرخة وصدى
مولودة في الزمن العقم
رغم المسافة .. الدهشة
والشوق" والندم

لكين القصيدة دي ما سمعتها تب"
فقال نزار ممعناُ في السخرية والتهكم:
" والله أمرك عجيب يا عاشق يا رياد
بتحب ليك واحدة دلوعة وكضابة كمان
والله حسع أقوم أمشي أشتكيها في لجنة حقوق الملكية الفكرية؟
فقال مهند وقد إزداد حنقاً وغضباً:
" يا أخي أيوة بحبها إن شاء الله كان جابت لي معلقة الخنساء وقالت دي حقتها،
إنت مالك ومالي؟
فقال نزار:
أنا ما بقول لي قلبك أقسى وخلي للحب الدرب
لكين كمان ما تكون عبيط وتحب ليك زولة جنها كضب"
فقاطعه سائق الركشة قائلاً:
" يا جماعة أنا خرمان سيجارة تسمحوا لي أقيف في الدكان ده ثواني بس
وأجيب لي سيجارة فقالوا له بصوت واحد:
يا زول إتفضل إذنك معاك"


نتوقف هنا لكي نلتقط الأنفاس ثم نواصل لاحقاً
صورة العضو الرمزية
bagera
مشاركات: 33
اشترك في: السبت 2008.6.28 1:05 pm
مكان: الدويم

رد: يوميات سائق ركشة

مشاركة بواسطة bagera »

الاخ نوركم الله ينور عليك ..كلام زي الجواهر و سرد اجمل نحنا متابعين
سودانية100%
مشاركات: 118
اشترك في: الأربعاء 2007.10.10 4:30 pm
مكان: Libya

رد: يوميات سائق ركشة

مشاركة بواسطة سودانية100% »

نوركم ده شنو ده.مباااااااااااالغة طبعا.انا فاتخة ايمالي وما شغلة به وفتحت نفس الموقع مرتان :005: .كتابتك مشوقة خالص.قرات كلها في مرة وحدة.يديك العافية انشاء الله.وفي انتظار جديدك.بس ما تنسانا احنا مترقبين بجاي.اوكي.
تسلم.
تقبل مروري :075:
صورة العضو الرمزية
نوركم
مشاركات: 241
اشترك في: الاثنين 2007.4.23 1:03 pm
مكان: السودان

رد: يوميات سائق ركشة

مشاركة بواسطة نوركم »

مبارك عليكم
(6)
قالت روضة لجارتها آمنة التي كانت تتهادى في مشيتها كسفينة الصحراء وهي تمشى الهوينى بخلفها كما يمشي الوجي الوحل:
" شنو يا بت أمي ما تمشي قوام وأعملي ليكي همة شوية،، عشان نلحق المواصلات .. مالك يا أختي ماشة بي مهل كدة،، ذي ما تكوني مكتفة ومحننة!" فقالت آمنة وهي لا زالت تترنح في مشيتها وتتثاقل في خطى متئدة:" أنا ما عارفة مالي،، ما قادرة أشيل وأخط كراعي ديل من الأرضكلو كلو،، الظاهر علي عندي روماتيزوم والله عرق نساء ما عارفة شنو،،، والله الواحدة لو ما المشاغل الكتيرة اللي بترف علينا دي، كانت مشت شافت دكتور العظام،،،لكين ما باليد حيلة،، وبعدين إنتي تعالي هنا ،،، لزومو شنو الاستعجال ده؟ إنتي لاحقة شنو وراكي حاجة؟ فقالت روضة وقد جلست فوق مصطبة أحد البيوت وهي تنتظرها:
" أجي يا أخواني،،، كيفن ما مستعجلة يا أختي؟ عليكم الله شوفو جنس الكلام ده؟ إنتي ما شايفة الدنيا بقت في أنصاص النهار وناس السماية منتظرينا عشان نساعدهم في شغل المطبخ!! والله سكينة جدة المولود طلبت مني شخصياً بي نفسها عشان أعمل ليهم حلة المحشي عشان بنات آخر الزمن ديل يا كافي البلاء (جيل الآيس كريم والإنترنت) ما شاطرات إلا في البيض المقلي والهامبورجر والحاجات السريعة دي بس،،، وبعدين أنتي يعني دايرانا نمشي ليهم مع المعازيم والضيوف أنا ما دايرة قلبة الشلاليف بتاعة نساوين الشجرة ديل،،، أرحكي عليك الله إتحركي،، ما تقيفي لي محتارة" وفجأة خرجت ركشة من بين البيوت المتراصة وكأنها كانت على موعد معهن فقالت آمنة وهي تلوح لسائق الركشة بيديها:" ها يا روضة،، عليكي الله بطلي الغلبة والنضم الكتير ده،،
وقوام وقفي لينا بتاع الركشة ده قبل ما يروح مننا،،
أنا خلاص حيلي إتهدّ وفترت تب من المشي وما قادرة أشيل جسمي ده من الأرض"
وما هي إلا ثوان معدودة حتى إنطلقت بهن الركشة في طريقها إلى الشجرة.
وفجأة قالت آمنة لروضة في محاولة منها لكسر حاجز الصمت الذي عمّ متن الركشة:"
ما قلتي يا روضة أختي! صحبتكي سكينة دي ما كلمتك لو عازمين ناس كتار والله لا؟
أصلو أنا عارفاهم ناس بتاعين مظاهر وقندفة وطالعات في السماء كدة ما عارفة لي شنو وفوق كم" فقالت روضة وهي تتحسس بيمناها الكيس البلاستيكي التي وضعتها في مكان قصي على متن الركشة:" فتاح يا حليم ورزاق يا كريم،، خلاص بديتي القطيعة من صباح الرحمن والله الزولة دي دايماً بتذكرك بالخير وبتتشكر فيكي،، مالك حسع قمت عليها كدة ذي الشيطان أعوذ بالله من أبليس؟ بري منكن يا نساوين الكلاكلة يا كافي البلاء جنكن قطيعة وشمارات" فقالت آمنة وهي تحاول جاهدة الدفاع عن نفسها بإستماتة: " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،، مالك يا بتي هجت وقمت علي كدة ذي ما تكوني مسلطة،،، حسع أنا قلت حاجة تزعل؟ شوفو الولية دي بالله، أنا بس قلت إنو صحبتك فلانة دي شايفة نفسها حبتين وزولة بتاعة بوبار ودي هي ذاتها معترفة بيها المزعلك إنتو شنو يا المهجومة يا المرجومة،، أجي يا بتي أمي" فقالت لها روضة في محاولة منها لتغيير الموضوع: " خليكي من الشمطة دي وأحكي لي،، أنا سمعت شمارات بي جاي وجاي إنو رقية قريبتكم أخذت بتها مي للفكي أبكر في كرتون مايو،، الكلام ده صحي والله شمارات ساكت؟"
فإستعدلت آمنة في جلستها وقد إستطعمت الموضوع وإستظرفته:" يا أختي في دخان من غير نار؟ إيه رأيك أنا القدامك دي الدليتهم على الفكي ده بي نفسي" فدنت روضة منها قليلاً وهي تنحنح وقد فتك بها الفضول:" يخسى عليكي يا آمنة يا أختي،،،
ومالك ما كلمتيني ووريتني الأخبار دي من قبيل"
فقالت آمنة:" وإنتي فاضية لي يا إنتي،،، جنك حوامة الواحدة ما تشوفك إلا في البكيات والمناسبات،،" فقاطعتها روضة قائلة:" والبت المسكينة دي أخذوها للفكي لي شنو نان ما شر!! مجنونة يا يابا والله مدسترة بعد الشر عليها ،، لو كلموني أنا بالحكاية دي كنت وديتهم لي البتول ست الزار والله لي الوداعية وداد صحبتي" فقالت لها آمنة:
" إنتي ما تصبري علي شوية زار شنو ودسترة شنو إن شاء الله اللي يكرهها،، الحكاية وما فيها يا أختي البنية قالوا مسحورة ومحسودة بعيد عنك وعن السامعين" فقاطعتها روضة متهكمة:" حسدوها على شنو بس؟؟ على جمالها يا يابا والله على ذوقها؟؟؟
ما تقولي لي،،، البت شايفاها إستغفر الله من غضب الله عادية كدة وما ياها السمحة اللي بتقطع القلب" فقالت آمنة منزعجة:
" إنتي ما تسكتي لي شوية وإديني فرصة عشان أحكي ليكي التفاصيل إنتي طوالس كدة ما عندك صبر كلو كلو" ثم أعقبت قائلة: " قالوا البت بيجوها عرسان بالكوم بيطلبوا إيدها للزواج لكين قاعدة تأباهم واحد وراء التاني وكارهة جنس الرجال ديل لله في لله وما دايرة تتزوج كلو كلو،، عشان كدة أمها قالت أكيد البت دي عاملين ليها عملة" فسألتها روضة :" المهم الفكي قال ليهم شنو" فقالت آمنة:
الفكي قال ليهم في عمل قوي مدسوس في بيتهم وأداهم وصفات كدة عشان ينفك العمل وقال ليهم كمان يجيبوا ليههم دم قعنجة وحليب سحلية" فقالت روضة وقد إستغرقت في الضحك:
" غايتو السحلية دي أمرها هين ولين،،، عشان كل الحيطان في الكلاكلات دي مليانة بالسحالي ذي الهم على القلب ،، لكي المشكلة فين دم القعنجة دي!!
يلقوها وين بس إلا يستنوا موسم الخريف والبرك والحيضان لامن يجي ويتشرفوا القعنجات"
ثم إستطردت قائلة:
" لكين مسألة الزواج دي عاد ما قسمة ونصيب يا أختي،،
لا دايرة ليها فكي ولا منجم مفروض كان يخلوا الموضوع ده
على الله وكل شيء بأمر الله،،،
حسع عليكي الله صحبتك رقية دي ما غلطانة في عملتها دي؟
آمنة: ما غلطانة
روضة غلطانة
آمنة: ما غلطانة
روضة : غلطانة
فقاطعهم سائق الركشة قائلاً:
" أسكتي إنتي وأقعدي إنتي
غلطانة ما غلطانة
غلطانة ما غلطانة
لامن العسكري داك يتلقانا"
فقالت له روضة ساخرة:
" إنت يا ولدي الظاهر عليك بتتفرج قناة هارموني كتير ما كدة؟



نتوقف هنا برهة ثم نواصل
صورة العضو الرمزية
نوركم
مشاركات: 241
اشترك في: الاثنين 2007.4.23 1:03 pm
مكان: السودان

رد: يوميات سائق ركشة

مشاركة بواسطة نوركم »

(7)
قالت سامية المصرية لإبنتها الصغيرة هيام التي رفضت أن تبرح دكان الألعاب في سوق لفة الكلاكلة:
" يا بت إنتي حتنقطيني؟ بقولك إطلعي عشان حنروح زمانو أبوكي قالب الدنيا علينا" فقالت الصغيرة هيام وهي تمسك بدمي الدبدوب (التيدي بير) وقد شغفت به:
" والنبي يا ماما،، عشان خاطري،،
إشتري لي اللعبة عشان عايزة أحطها في غرفتي
الله يخليكي لي يا ماما نفسي فيها"
فألحت سامية متمسكة برأيها قائلة:
" با بت بطلي دلع وبكش بقى،،
ما أنت عندك لُعب بالهبَل في البيت،،
إنتي ما بتشبعيش لُعب يا بت؟
خلاص إنت حرة بقى،
أنا حأسيبك لوحدك هنا وحأروح أنا،،
وريني بقى حتعملي إيه يا شاطرة"
فخرجت البنت مسرعة خشية أن تتركها أمها لوحدها وسألت أمها:
" هو يا ماما بابا مش حيجي يآخذنا بي عربيته والله حنروح لوحدينا"
فقالت سامية وهي تمسك بيدها وتهم بالخروج إلى طرف الشارع المسفلت:
" لا يا حبيبتي حضرته مش حيشرف ولا حيعتب هنا عشان مشغول
في الشغل وبيقول لنا تعالوا بأي حاجة"
وبينما كانت سامية ترمق ملياً إلى رتل السيارات التي تجوب شارع اللفة
بحثاً عن المواصلات، كانت الصغيرة هيام تتلاعب بالفيونكة التي
كانت تزين شعرها وهي تردد:
" اللفة فانتاستك،، اللفة فانتاستك"

وفجأة توقفت ركشة بالغ صاحبها في تزيينها وبهرجتها وقال لهم سائقها:
" أيوة يا مدام ماشة وين؟
فقالت سامية وهي تدنو من الركشة:
" ود عماري يا أسطى لو سمحت"

وبينما واصلت الركشة المسير نحو الوجهة التي تبتغيها سامية
وبنتها مدت هيام يدها نحو الكيس البلاستيكي المملوء بالبرتقال
وتلقفت واحدة وهمت بتناولها فزجرتها أمها قائلة:
" بقولك إيه أوع إيدك من الكيس ورجعي البرتقالة دي مطرحها،،
حأديكي منها بعدين لمان نروح البيت"
وفي هذا الأثناء أخذ سائق الركشة يردد بصوت مسموع:
" حنانة النسى أهله وما نسانا
دق الباب وجانا أنا جريت لي حفيانة
ما قصدت الخيانة قاصداه يقيّل معانا"
وإستطرد مردداً بصوت أعلى:
" دق الباب بي طوبة
فتحت ليه حبوبة"
وقبل أن يكمل المقطع قاطعته سامية قائلة:
يا خرابي!! إيه يا واد الهباب البتغني فيه يا واد؟
فأجاب الركاش ساخراً:
" هباب شنو ما إنتو كمان في مصر عندكم حاجات أكعب من دي
ذي أغنية أوقف وإنت بتكلمني
وأغنية الحسن زعبلة بيتمنظر بالجاكتة ويتعايق بالفلة،،
والله هاكي دي:
" أنا كنت بحب الكشري ودي الوقتي بحب المنقة
قشروا لي شوية منقة"
يا مدام أسمحي أقول ليكي إنو كل الدول
العربية عندها النوعية دي من الأغنيات
والله رأيك شنو يا مدام؟
فقالت سامية وهي مستغرقة في الضحك:
"على رأيك،،، كلو عند العرب صابون"
والله حاجة تغيظ فعلاً"
وأضاف الركاش وهو يستحضر ذاكرته لشاكلة
الأغاني الهابطة في مصر المحروسة:
" أيوة إتذكرت يا مدام أغنية:
" سلامتها أم حسن سلامتها سلامتها"
وفجأة أخذت الصغيرة هيام تردد وهي تقبّل دميتها الصغيرة:
" بوس الواوة وبوس الواوة"
فضحك الركاش وقال معلقاً:
أهان الأمورة دي كمان ذكرتنا واحدة تانية من جنس الأغاني دي"
ثم أخذت الركشة تتمايل فجأة وتغير مسارها
لتفادي الشاحنة التي كادت تصدمها فأخذت سامية تصرخ في وجل وهلع
وهي تزجر الركاش قائلة:
" يا لهوي يا خراشي
ما تحاسب يا أسطى وتفتح عينك
جرا إيه يا إسمك إيه؟
إنت عايز تموتنا يا عم؟
إيه المصائب اللي عمالة تتهدف علينا
يا أختي بطلوه ده وأسمعوا ده
فقال الركاش:
" سلامتك من الموت يا مدام
أصلو سواق الشاحنة دي اللي أداه الرخصة غلطان
كان مفروض يدي إشارة قبل ما يلف لليسار
عالم مستهتر وما بتعرف فنون السواقة وقوانين المرور"


نتوقف هنا قليلاً لنواصل حلقة أخرى من اليوميات
صورة العضو الرمزية
نوركم
مشاركات: 241
اشترك في: الاثنين 2007.4.23 1:03 pm
مكان: السودان

رد: يوميات سائق ركشة

مشاركة بواسطة نوركم »

(8)الحلقة الاخيرة
كلش ما عندك ذوق يا خيتي مريم" هكذا قالت أميمة وهي تعاتب صديقتها مريم – طالبة الشهادة العربية- في محل السيديهات في سوق لفة الكلاكلة فأجابت مريم وهي تتفحص شريطاً مدمجاً لآخر إلبومات الفنان الإماراتي جاسم أو جسوم كما يطلقون عليه في الخليج:
" وإيش دعوى يا أميمة وإيش سويتلك بالله، ما تقوليلي يا بنت الحلال؟ فقالت أميمة وهي تئن وتتضجر من حمل الأكياس البلاستيكية التي أثقلت كاهلها:" أفا عليكي والله ما هجيتها منك،،،
يعني شايفتني شايلة كل هالأغراض وما تساعديني وتشيلي مني شوي؟" فقالت مريم وقد أمعنت في الضحك:" إنتين دايماً هاللون،،
متعودة على الراحة والرفاهية من زمان،،، حتى يوم كنتين وياي في ثانوية الملز بالرياض،،، عطيني الكيسين هادول" ثم إستطردت قائلة:
" وووي ،، طالعي الساعة وناظري الوقت واجد تأخرنا هني في السوق ما تبين تروحين والله ودك تظلين هنيّ؟ فأجابت أميمة وهي تضع الس دي في حقيبتها الجلدية:
" أمهليني شوي لين أحاسب الكاشير ونروح على طول"

خرجت أميمة ومريم من محل السديهات محملات بأكوام من الأكياس ووقفن عند قارعة الطريق قبالة فرع بنك الشمال الكائن باللفة وفجأة وضعت مريم أكياسها على الأرض وقالت لأميمة:
" ما أشوف في تكساي هني،، وإيش نسوي؟
وفجأة توقفت بجانبهن ركشة أنيقة المظهر وأخرج سائقها رأسه من النافذة وقال لهن:
" السلام عليكم،،، ماشات وين لو سمحتو؟
فقالت أميمة مخاطبة مريم:
" إيش رأيك نركب هذي الركشة،،، شيء ظريف وتشعرين فيها بالخصوصية،، مو أحسن من التاكسي والأمجاد"
فقالت أميمة وهي تشيح بوجها نحو الطرف الآخر من شارع الأسفلت:
" لا لا ما أبغي هذه اللي ويش يسمونها دي،،
شكلها يخرع وأخاف أطيح في المطبات"
فقالت مريم:" يا أختي تعالي أركبي وبطلي ها الدلع والميوعة
أشوف كل العالم يروحون فيها ولا واحد طاح منهم وبعدين ما راح نلاقي مواصلات ها الحزة = "الوقت""
فأسرعت نحو الركشة على مضض وجلست وهي تتأفف في ضجر بالغ وإنطلقت الركشة بهن في طريقها إلى وجهتهن في أحياء الكلاكلات المتحدة.

وفي منتصف الطريق سألت أميمة صديقتها مريم قائلة:
" وإيش عندك محاضرات باكر؟"
فأجابت مريم: عندي محاضرة في اللغة العربية لكين ماني رايحة؟
فسألتها أميمة مستغربة:
" ليش عسى ما شر؟"
فقالت مريم:
" ما أداني المحاضر وأكرهه كره العمى،،
تقيل دم وشايف روحها شوي وما أدري ليش؟
فسألتها أميمة مجدداً:
" وإيش عليكي من المحاضر يا بنت الحلال
إنتي ما تعرفين إنو أهلك صارفين عليكي بالدولار
وإنتي جاية تقولي لي- ما أداني المحاضر- وما أدري إيش
أمرك عجيب ويحير والله"
فقالت مريم:
" وبعدين أنا الدراسة هذه ماني مقطعة فيها روحي كلش
ويمكن أخليها وأصير ربة بيت قريب"
فقالت أميمة وقد كست محياها علامات الفرحة:
" أفا عليكي يا مريم يعني ما قلتيلي من قبل إنو في معرس على الطريق والله مبروك مقدماً وربنا يتمم بخير ومين سعيد الحظ هذا؟
إن شاء الله عاد يكون ود حلال ويستاهلك؟
فقالت مريم: " إنتي ما تعرفينها لأنو من أقربائي من صوب الوالدة
وكان يدرس في النمسا وتوا جايي قبل أسبوع وإتقدم للوالد يوم الخميس والحمد لله الأهل كلهم موافقين إن شاء عقبالك يا حبيبتي"
فقالت أميمة:" آمين الله يسمع منك ويحقق الأماني
وبعدين ما قلتيلي العرس حيكون هني والله في الشمالية؟
فأجابت أميمة:
" لا لا حيكون هني وإنتي حتكوني من أول المعازيم،
وإحتمال حيكون في النادي النوبي ما أدري للحين حأعملك بعدين"
فقاطعهن سائق الركشة وهو يقول:
" بالمبارك يا الشيخة يا طويلة العمر"
فقالت أميمة متهكمة:
" وييي،،، أشوفك تهرج خليجي،، وإيش دراك باللهجة الخليجية"
فقال الركاش:
" أصلي زمان كنت شغال في جدة وبي قروش الإغتراب
إشتريت الركيشونة الحليوة دي"
فقالت أميمة لمريم:
" مو كأن السوبرماركت اللي على الناصية هذه جديد؟
والله يتراوى لي بس؟
وما أن فتحت مريم فمها لتجيب حتى توقفت الركشة فجأة وقال سائقها
أنحن وصلنا خلاص يا هوانم الرياض، حاسبوني وإتدلن"
صورة العضو الرمزية
hdma
مشاركات: 385
اشترك في: الأربعاء 2008.7.2 10:22 pm
مكان: جدة

رد: يوميات سائق ركشة

مشاركة بواسطة hdma »

مشكووور يانوركم كتاباتك جدا راائعة ..ومشوقة ..تسلم..
أضف رد جديد

العودة إلى ”سيناريو وأحـداث“